التاء ورفعها، والرفع أحب إلي؛ لأنها عن علي وعبدالله وابن عباس. وقال أبو زكريا القراء: العجب إن أسند إلى الله عز وجل فليس معناه من الله كمعناه من العباد؛ وكذلك قوله: ﴿اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ ﴾ [البقرة: ١٥] ليس ذلك من الله كمعناه من العباد. وفي هذا بيان الكسر لقول شريح حيث أنكر القراءة بها. روى جرير والأعمش عن أبي وائل شقيق بن سلمة قال: قرأها عبدالله يعني ابن مسعود ﴿بَلْ عَجِبْتُ وَيَسْخَرُونَ ﴾ قال شريح: إن الله لا يعجب من شيء إنما يعجب من لا يعلم. قال الأعمش فذكرته لإبراهيم فقال: إن شريحا كان يعجبه رأيه، إن عبدالله كان أعلم من شريح وكان يقرؤها عبدالله ﴿بل عجبتُ﴾. قال الهروي: وقال بعض الأئمة: معنى قوله: ﴿بَلْ عَجِبْتُ ﴾ بل جازيتهم على عجبهم؛ لأن الله تعالى أخبر عنهم في غير موضع بالتعجب من الحق؛ فقال: ﴿وعجبوا أن جاءهم منذر منهم﴾ [ص: ٤] وقال: ﴿إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ ﴾، ﴿أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ ﴾ [يونس: ٢] فقال تعالى: ﴿بَلْ عَجِبْتُ ﴾ بل جازيتهم على التعجب.
قلت: وهذا تمام معنى قول الفراء واختاره البيهقي. وقال علي بن سليمان: معنى القراءتين واحد، التقدير: قيل يا محمد بل عجبت؛ لأن النبي ﷺ مخاطب بالقرآن. النحاس: وهذا قول حسن وإضمار القول كثير. البيهقي: والأول أصح. المهدوي: ويجوز أن يكون إخبار الله عن نفسه بالعجب محمولا على أنه أظهر من أمره وسخطه على من كفر به ما يقوم مقام العجب من المخلوقين؛ كما يحمل إخباره تعالى عن نفسه بالضحك لمن يرضى عنه - على ما جاء في الخبر عن النبي ﷺ - على أنه أظهر له من رضاه عنه ما يقوم له مقام الضحك من المخلوقين مجازا واتساعا. قال الهروي: ويقال معنى: "عجب ربكم" أي رضي وأثاب؛ فسماه عجبا وليس بعجب في الحقيقة؛ كما فال تعالى: ﴿وَيَمْكُرُ اللَّهُ ﴾ [الأنفال: ٣٠] معناه ويجازيهم الله على مكرهم، ومثله في الحديث: "عجب ربكم من إلّكُم وقنوطكم". وقد يكون العجب بمعنى وقوع ذلك العمل عند الله عظيما. فيكون معنى قوله: ﴿بل عجبت﴾ أي بل عظم فعلهم عندي. قال البيهقي: ويشبه أن يكون هذا معنى حديث عقبة بن عامر قال: