وإن كانت الغول لا تعرف؛ ولكن لما تصور من قبحها في النفوس. وقد قال الله تعالى: ﴿شَيَاطِينَ الْأِنْسِ وَالْجِنِّ ﴾ [الأنعام: ١١٢] فمردة الإنس شياطين مرئية. وفي الحديث الصحيح: "ولكأن نخلها رؤوس الشياطين" وقد أدعى كثير من العرب رؤية الشياطين والغيلان. وقال الزجاج والفراء: الشياطين حيات لها رؤوس وأعراف، وهي من أقبح الحيات وأخبثها وأخفها جسما. قال الراجز وقد شبه المرأة بحية لها عرف:

عنجرد تحلف حين أحلف كمثل شيطان الحماط أعرف
الواحدة حماطة. والأعرف الذي له عف. وقال الشاعر يصف ناقته:
تلاعب مثنى حضرمي كأنه تعمج شيطان بذي خروع قفر
التعمج: الاعوجاج في السير. وسهم عموج: يتلوى في ذهابه. وتعمجت الحية: إذا تلوت في سيرها. وقال يصف زمام الناقة:
تلاعب مثنى حضرمي كأنه تعمج شيطان بذي خروع قفر
وقيل: إنما شبه ذلك بنبت قبيح في اليمن يقال له الأستن والشيطان. قال النحاس: وليس ذلك معروفا عند العرب. الزمخشري: هو شجر خشن منتن مر منكر الصورة يسمى ثمره رؤوس الشياطين. النحاس: وقيل: الشياطين ضرب من الحيات قباح. ﴿فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ ﴾ فهذا طعامهم وفاكهتهم بدل رزق أهل الجنة. وقال في "الغاشية]: ﴿لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ ﴾ [الغاشية: ٦] وسيأتي. ﴿ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا ﴾ أي بعد الأكل من الشجرة ﴿لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ ﴾ الشوب الخلط، والشب والشوب لغتان كالفَقر والفُقر والفتح أشهر. قال الفراء: شاب طعامه وشرابه إذا خلطهما بشيء يشوبهما شوبا وشيابة. فأخبر أنه يشاب لهم. والحميم: الماء الحار ليكون أشنع؛ قال الله تعالى: ﴿وَسُقُوا مَاءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ ﴾ [محمد: ١٥]. السدي: يشاب لهم الحميم بغساق أعينهم وصديد من قيحهم ودمائهم. وقيل: يمزج لهم الزقوم بالحميم ليجمع لهم بين مرارة الزقوم وحراوة الحميم؛ تغليظا لعذابهم وتجديدا


الصفحة التالية
Icon