والأول أظهر. ﴿وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ﴾ أي بدلا منكم ﴿مَلائِكَةً﴾ يكونون خلفا عنكم؛ قال السدي. ونحوه عن مجاهد قال: ملائكة يعمرون الأرض بدلا منكم. وقال الأزهري: إن "من" قد تكون للبدل؛ بدليل هذه الآية.
قلت: قدم تقدم هذا المعنى في "التوبة" وغيرها. وقيل: لو نشاء لجعلنا من الإنس ملائكة وإن لم تجر العادة بذلك، والجواهر جنس واحد والاختلاف بالأوصاف؛ والمعنى: لو نشاء لأسكنا الأرض الملائكة، وليس في إسكاننا إياهم السماء شرف حتى يعبدوا، أو يقال لهم بنات الله. ومعنى ﴿يَخْلُفُونَ﴾ يخلف بعضهم بعضا؛ قاله ابن عباس.
الآية: ٦١ ﴿وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ، وَلا يَصُدَّنَّكُمُ الشَّيْطَانُ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ﴾
قوله تعالى: ﴿وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ﴾ قال الحسن وقتادة وسعيد بن جببر: يريد القرآن؛ لأنه يدل على قرب مجيء الساعة، أو به تعلم الساعة وأهوالها وأحوالها.
وقال ابن عباس ومجاهد والضحاك والسدي وقتادة أيضا: إنه خروج عيسى عليه السلام، وذلك من أعلام الساعة. لأن الله ينزله من السماء قبيل قيام الساعة، كما أن خروج الدجال من أعلام الساعة. وقرأ ابن عباس وأبو هريرة وقتادة ومالك بن دينار والضحاك ﴿وَإِنَّهُ لَعَلَمٌ لِلسَّاعَةِ﴾ (بفتح العين واللام) أي أمارة. وقد روي عن عكرمة ﴿وإنه للعلم﴾ (بلامين) وذلك خلاف للمصاحف. وعن عبدالله بن مسعود. قال: لما كان ليلة أسري برسول الله ﷺ لقي إبراهيم وموسى وعيسى عليهم السلام فتذاكروا الساعة فبدؤوا بإبراهيم فسألوه عنها فلم يكن عنده منها علم، ثم سألوا موسى فلم يكن عنده منها علم؛ فرد الحديث إلى عيسى ابن مريم قال: قد عهد إلي فيما دون وجبتها فأت وجبتها فلا يعلمها إلا الله عز وجل؛ فذكر خروج الدجال - قال: فأنزل فأقتله. وذكر الحديث، خرجه ابن ماجة في سننه. وفي صحيح مسلم "فبينما هو - يعني المسيح الدجال - إذ بعث الله المسيح بن مريم فينزل عند المنارة البيضاء شرقي


الصفحة التالية
Icon