فمن زعم أنه في غيره فقد أعظم الفرية على الله، وليس في ليلة النصف من شعبان حديث يعول عليه لا في فضلها ولا في نسخ الآجال فيها فلا تلتفتوا إليها. الزمخشري: "وقيل يبدأ في استنساخ ذلك من اللوح المحفوظ في ليلة البراءة ويقع الفراغ في ليلة القدر؛ فتدفع نسخة الأرزاق إلى ميكائيل، ونسخة الحروب إلى جبريل، وكذلك الزلازل والصواعق والخسف؛ ونسخة الأعمال إلى إسماعيل صاحب سماء الدنيا وهو ملك عظيم؛ ونسخة المصائب إلى ملك الموت. وعن بعضهم: يعطى كل عامل بركات أعماله؛ فيلقى على ألسنة الخلق مدحه، وعلى قلوبهم هيبته. وقرئ ﴿نفَرَّق﴾ بالتشديد، و ﴿يَفْرق﴾ كل على بنائه للفاعل ونصب ﴿كل﴾، والفارق الله عز وجل. وقرأ زيد بن علي رضي الله عنه ﴿نفرق﴾ بالنون. و ﴿كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ﴾ كل شأن ذي حكمة؛ أي مفعول على ما تقتضيه الحكمة ".
الآية: ٥ ﴿أَمْراً مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ، رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾
قوله تعالى: ﴿أَمْراً مِنْ عِنْدِنَا﴾ قال النقاش: الأمر هو القرآن أنزله الله من عنده. وقال ابن عيسى: هو ما قضاه الله في الليلة المباركة من أحوال عباده. وهو مصدر في موضع الحال. وكذلك ﴿رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ﴾ وهما عند الأخفش حالان؛ تقديرهما: أنزلناه آمرين به وراحمين. المبرد: ﴿أَمْراً﴾ في موضع المصدر، والتقدير: أنزلناه إنزالا. الفراء والزجاج: ﴿أَمْراً﴾ نصب بـ ﴿يفرق﴾، مثل قولك "يفرق فرقا" فأمر بمعنى فرق فهو مصدر، مثل قولك: يضرب ضربا. وقيل: ﴿يفرق﴾ يدل على يؤمر، فهو مصدر عمل فيه ما قبله.﴿ إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ، رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ ﴾ قال الفراء ﴿رحمة﴾ مفعول بـ ﴿مرسلين﴾. والرحمة النبي صلى الله عليه وسلم. وقال الزجاج: ﴿رحمة﴾ مفعول من أجله؛ أي أرسلناه للرحمة. وقيل: هي بدل من قول. ﴿أمرا﴾ وقيل: هي مصدر. الزمخشري: ﴿أمرا﴾ نصب على الاختصاص، جعل كل أمر جزلا فخما بأن وصفه بالحكيم، ثم زاده جزالة وكسبه