كما تقول: اتق النار اتق العذاب. و ﴿الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى﴾ في قول ابن مسعود: يوم بدر. وهو قول ابن عباس وأبي بن كعب ومجاهد والضحاك. وقيل: عذاب جهنم يوم القيامة؛ قال الحسن وعكرمة وابن عباس أيضا، واختاره الزجاج. وقيل: دخان يقع في الدنيا، أوجوع أو قحط يقع قبل يوم القيامة. الماوردي: ويحتمل أنها قيام الساعة؛ لأنها خاتمة: بطشاته في الدنيا. ويقال: انتقم الله منه؛ أي عاقبه. والاسم منه النقمة والجمع النقمات. وقيل بالفرق بين النقمة والعقوبة؛ فالعقوبة بعد المعصية لأنها من العاقبة. والنقمة قد تكون قبلها؛ قال ابن عباس. وقيل: العقوبة ما تقدرت والانتقام غير مقدر.
الآية: ١٧ ﴿وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَجَاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ﴾
أي ابتليناهم. ومعنى هذه الفتنة والابتلاء الأمر بالطاعة. والمعنى عاملناهم معاملة المختبر ببعثة موسى إليهم فكذبوا فأهلكوا؛ فهكذا أفعل بأعدائك يا محمد إن لم يؤمنوا. وقيل: فتناهم عذبناهم بالغرق. وفي الكلام تقديم وتأخير؛ والتقدير: ولقد جاء آل فرعون رسول كريم وفتناهم، أي أغرقناهم؛ لأن الفتنة كانت بعد مجيء الرسول. والواو لا ترتب. ومعنى ﴿كريم﴾ أي كريم في قومه. وقيل: كريم الأخلاق بالتجاوز والصفح. وقال الفراء: كريم على ربه إذ اختصه بالنبوة وإسماع الكلام.
الآية: ١٨ ﴿أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ، وَأَنْ لا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ إِنِّي آتِيكُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ﴾
قوله تعالى: ﴿أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ﴾ قال ابن عباس: المعنى جاءهم فقال: اتبعوني. فـ ﴿عباد الله﴾ منادى. وقال مجاهد: المعنى أرسلوا معي عباد الله وأطلقوهم من العذاب. فـ ﴿عباد الله﴾ على هذا مفعول. وقيل: المعنى أدوا إلي سمعكم حتى أبلغكم رسالة ربي. ﴿إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ﴾ أي أمين على الوحي فأقبلوا نصحي. وقيل: أمين على ما أستأديه