فالريح تبكي شجوها... والبرق يلمع في الغمامة
وقال آخر:
والشمس طالعة ليست بكاسفة... تبكي عليك نجوم الليل والقمرا
وقالت الخارجية:
أيا شجر الخابور مالك مورقا... كأنك لم تجزع على ابن طريف
وذلك على سبيل التمثيل والتخييل مبالغة في وجوب الجزع والبكاء عليه. والمعنى أنهم هلكوا فلم تعظم مصيبتهم ولم يوجد لهم فقد. وقيل: في الكلام إضمار، أي ما بكى عليهم أهل السماء والأرض من الملائكة؛ كقوله تعالى: ﴿وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ﴾ [يوسف: ٨٢] بل سروا بهلاكهم، قاله الحسن. وروى يزيد الرقاشي عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من مؤمن إلا وله في السماء بابان باب ينزل منه رزقه وباب يدخل منه كلامه وعمله فإذا مات فقداه فبكيا عليه - ثم تلا – ﴿فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ﴾. يعني أنهم لم يعملوا على الأرض عملا صالحا تبكي عليهم لأجله، ولا صعد لهم إلى السماء عمل صالح فتبكي فقد ذلك. وقال مجاهد: إن السماء والأرض يبكيان على المؤمن أربعين صباحا. قال أبو يحيى: فعجبت من قوله فقال: أتعجب ! وما للأرض لا تبكي على عبد يعمرها بالركوع والسجود ! وما للسماء لا تبكي على عبد كان لتسبيحه وتكبيره فيها دوي كدوي النحل !. وقال علي وابن عباس رضي الله عنهما: إنه يبكي عليه مصلاه من الأرض ومصعد عمله من السماء. وتقدير الآية على هذا: فما بكت عليهم مصاعد عملهم من السماء ولا مواضع عبادتهم من الأرض. وهو معنى قول سعيد بن جبير. وفي بكاء السماء والأرض ثلاثة أوجه: أحدها أنه كالمعروف من بكاء الحيوان. ويشبه أن يكون قول مجاهد. وقال شريح الحضرمي قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الإسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا كما بدأ فطوبى للغرباء يوم القيامة