قوله تعالى: ﴿إِنَّ هَؤُلاءِ لَيَقُولُونَ﴾ يعني، كفار قريش ﴿إِنْ هِيَ إِلَّا مَوْتَتُنَا الْأُولَى﴾ ابتداء وخبر؛ مثل: ﴿إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ﴾ [الأعراف: ١٥٥]، ﴿إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا﴾ [المؤمنون: ٣٧] ﴿وَمَا نَحْنُ بِمُنْشَرِينَ﴾ أي بمبعوثين. أنشر الله الموتى فنشروا. وقد تقدم. والمنشورون المبعوثون. قيل: إن قائل هذا من كفار قريش أبو جهل، قال: يا محمد، إن كنت صادقا في قولك فابعث لنا رجلين من آبائنا: أحدهما: قصي بن كلاب فإنه كان رجلا صادقا؛ لنسأله عما يكون بعد الموت. وهذا القول من أبي جهل من أضعف الشبهات؛ لأن الإعادة إنما هي للجزاء لا للتكليف؛ فكأنه قال: إن كنت صادقا في إعادتهم للجزاء فأعدهم للتكليف. وهو كقول قائل: لو قال إن كان ينشأ بعدنا قوم من الأبناء؛ فلم لا يرجع من مضى من الآباء؛ حكاه الماوردي. ثم قيل: ﴿فَأْتُوا بِآبَائِنَا﴾ مخاطبة ولنبي ﷺ وحده؛ كقوله: ﴿رَبِّ ارْجِعُونِ﴾ [المؤمنون: ٩٩] قاله الفراء. وقيل: مخاطبة له ولأتباعه.
الآية: ٣٧ ﴿أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ أَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ، وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاعِبِينَ، مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ﴾
قوله تعالى: ﴿أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ﴾ هذا استفهام إنكار؛ أي إنهم مستحقون في هذا القول العذاب؛ إذ ليسوا خيرا من قوم تبع والأمم المهلكة، وإذا أهلكنا أولئك فكذا هؤلاء. وقيل: المعنى أهم أظهر نعمة وأكثر أموالا أم قوم تبع. وقيل: أهم أعز وأشد وأمنع أم قوم تبع. وليس المراد بتبع رجلا واحدا بل المراد به ملوك اليمن؛ فكانوا يسمون ملوكهم التبابعة. فتبع لقب للملك منهم كالخليفة للمسلمين، وكسرى للفرس، وقيصر للروم. وقال أبو عبيدة: سمي كل واحد منهم تباعا لأنه يتبع صاحب. قال الجوهري: والتبابعة ملوك اليمن، واحدهم تبع. والتبع أيضا الظل؛ وقال: