طريق إلى الحق. الكلبي: السنة؛ لأنه يستن بطريقة من قبله من الأنبياء. ابن زيد: الدين؛ لأنه طريق النجاة. قال ابن العربي: والأمر يرد في اللغة بمعنيين: أحدهما: بمعنى الشأن كقوله: ﴿فَاتَّبَعُوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ﴾ [هود: ٩٧]. والثاني: أحد أقسام الكلام الذي يقابله الذي يقابله النهي. وكلاهما يصح أن يكون مرادا هاهنا؛ وتقديره: ثم جعلناك على طريقة من الدين وهي ملة الإسلام؛ كما قال تعالى: ﴿ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ [النحل: ١٢٣].
ولا خلاف أن الله تعالى لم يغاير بين الشرائع في التوحيد والمكارم والمصالح، وإنما خالف بينهما في الفروع حسبما علمه سبحانه.
قال ابن العربي: ظن بعض من يتكلم في العلم أن هذه الآية دليل على أن شرع من قبلنا ليس بشرع لنا؛ لأن الله تعالى أفرد النبي ﷺ وأمته في هذه الآية بشريعة، ولا ننكر أن النبي ﷺ وأمته منفردان بشريعة، وإنما الخلاف فيما أخبر النبي ﷺ عنه من شرع من قبلنا في معرض المدح والثناء هل يلزم اتباعه أم لا. ﴿وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ﴾ يعني المشركين. وقال ابن عباس: قريظة والنضير. وعنه: نزلت لما دعته قريش إلى دين آبائه.
الآية: ١٩ ﴿إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ﴾
قوله تعالى: ﴿إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً﴾ أي إن اتبعت أهواءهم لا يدفعون عنك من عذاب الله شيئا. ﴿وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ﴾ أي أصدقاء وأنصار وأحباب. قال ابن عباس: يريد أن المنافقين أولياء اليهود. ﴿وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ﴾ أي ناصرهم ومعينهم. والمتقون هنا: الذين أتقوا الشرك والمعاصي.


الصفحة التالية
Icon