قوله تعالى: ﴿وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ﴾ يعني القرآن. ﴿قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ﴾.
الآية: ٨ ﴿أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللَّهِ شَيْئاً هُوَ أَعْلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِ كَفَى بِهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾
قوله تعالى: ﴿أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ﴾ الميم صلة، التقدير: أيقولون افتراه، أي تقوله محمد. وهو إضراب عن ذكر تسميتهم الآيات سحرا. ومعنى الهمزة في ﴿أم﴾ الإنكار والتعجب، كأنه قال: دع هذا واسمع قولهم المستنكر المقضي منه العجب. وذلك أن محمدا كان لا يقدر عليه حتى يقوله ويفتريه على الله، ولو قدر عليه دون أمة العرب لكانت قدرته عليه معجزة لخرقها العادة، وإذا كانت معجزة كانت تصديقا من الله له، والحكيم لا يصدق الكاذب فلا يكون مفتريا، والضمير للحق، والمراد به الآيات. ﴿قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ﴾ على سبيل الفرض. ﴿فَلا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللَّهِ شَيْئاً﴾ أي لا تقدرون على أن تردوا عني عذاب الله، فكيف أفتري على الله لأجلكم. ﴿هُوَ أَعْلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِ﴾ أي تقولونه، عن مجاهد. وقيل: تخوضون فيه من التكذيب. والإفاضة في الشيء: الخوض فيه والاندفاع. أفاضوا في الحديث أي أندفعوا فيه. وأفاض البعير أي دفع جرته من كرشه فأخرجها، ومنه قول الشاعر:
وأفضن بعد كظومهن بجرة