أي ومدة حمله ومدة فصاله ثلاثون شهرا، ولو لا هذا الإضمار لنصب ثلاثون على الظرف وتغير المعنى.
الخامسة: قوله تعالى: ﴿حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ﴾ قال ابن عباس: ﴿أَشُدَّهُ﴾ ثماني عشرة سنة. وقال في رواية عطاء عنه: إن أبا بكر صحب النبي ﷺ وهو ابن ثماني عشرة سنة والنبي ﷺ ابن عشرين سنة، وهم يريدون الشام للتجارة، فنزلوا منزلا فيه سدرة، فقعد النبي ﷺ في ظلها، ومضى أبو بكر إلى راهب هناك فسأله عن الدين. فقال الراهب: من الرجل الذي في ظل الشجرة؟ فقال: ذاك محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب. فقال: هذا والله نبي، وما استظل أحد تحتها بعد عيسى. فوقع في قلب أبي بكر اليقين والتصديق، وكان لا يكاد يفارق رسول الله ﷺ في أسفاره وحضره. فلما نبئ رسول الله ﷺ وهو ابن أربعين سنة، صدق أبو بكر رضى الله عنه رسول الله ﷺ وهو ابن ثمانية وثلاثين سنة. فلما بلغ أربعين سنة قال: ﴿قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ﴾ الآية. وقال الشعبي وابن زيد: الأشد الحلم. وقال الحسن: هو بلوغ الأربعين. وعنه قيام الحجة عليه. وقد مضى في "الأنعام" الكلام في الآية. وقال السدي والضحاك: نزلت في سعد بن أبي وقاص. وقد تقدم. وقال الحسن: هي مرسلة نزلت على العموم. والله أعلم.
السادسة: قوله تعالى: ﴿قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي﴾ أي ألهمني. ﴿أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ﴾ في موضع نصب على المصدر، أي شكر نعمتك ﴿عَلَيَّ﴾ أي ما أنعمت به علي من الهداية ﴿وَعَلَى وَالِدَيَّ﴾ بالتحنن والشفقة حتى ربياني صغيرا. وقيل: أنعمت علي بالصحة والعافية وعلى والدي بالغنى والثروة. وقال علي رضي الله عنه: هذه الآية نزلت في أبي بكر الصديق رضي الله عنه، أسلم أبواه جميعا ولم يجتمع لأحد من المهاجرين أن أسلم أبواه غيره، فأوصاه الله بهما ولزم ذلك من بعده. ووالده هو قحافة عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم. وأمه