الآية: ٢٧ ﴿وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا مَا حَوْلَكُمْ مِنَ الْقُرَى وَصَرَّفْنَا الْآياتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾
قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا مَا حَوْلَكُمْ مِنَ الْقُرَى﴾ يريد حجر ثمود وقرى لوط ونحوهما مما كان يجاور بلاد الحجاز، وكانت أخبارهم متواترة عندهم. ﴿وَصَرَّفْنَا الْآياتِ﴾ يعني الحجج والدلالات وأنواع البينات والعظات، أي بيناها لأهل تلك القرى. ﴿لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ فلم يرجعوا. وقيل: أي صرفنا آيات القرآن في الوعد والوعيد والقصص والإعجاز لعل هؤلاء المشركين يرجعون.
الآية: ٢٨ ﴿فَلَوْلا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ قُرْبَاناً آلِهَةً بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ وَذَلِكَ إِفْكُهُمْ وَمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ﴾
قوله تعالى: ﴿فَلَوْلا نَصَرَهُمُ﴾ ﴿لولا﴾ بمعنى هلا، أي هلا نصرهم آلهتهم التي تقربوا بها بزعمهم إلى الله لتشفع لهم حيث قالوا: ﴿هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ﴾ [يونس: ١٨] ومنعتهم من الهلاك الواقع بهم. قال الكسائي: القربان كل ما يتقرب به إلى الله تعالى من طاعة ونسيكة، والجمع قرابين، كالرهبان والرهابين. وأحد مفعولي اتخذ الراجع إلى الذين المحذوف، والثاني ﴿آلِهَةً﴾. و ﴿قُرْبَاناً﴾ حال، ولا يصح أن يكون ﴿قربانا﴾ مفعولا ثانيا. و ﴿آلِهَةً﴾ بدل منه لفساد المعنى، قال الزمخشري. وقرئ ﴿قُرْبَاناً﴾ بضم الراء. ﴿بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ﴾ أي هلكوا عنهم. وقيل: ﴿بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ﴾ أي ضلت عنهم آلهتهم لأنها لم يصبها ما أصابهم، إذ هي جماد. وقيل: ﴿ضَلُّوا عَنْهُمْ﴾ أي تركوا الأصنام وتبرؤوا منها. ﴿وَذَلِكَ إِفْكُهُمْ﴾ أي والآلهة التي ضلت عنهم هي إفكهم في قولهم: إنها تقربهم إلى الله زلفى. وقراءة العامة ﴿إِفْكُهُمْ﴾ بكسر الهمزة وسكون الفاء، أي كذبهم. والإفك: الكذب، وكذلك الأفيكة، والجمع الأفائك. ورجل أفاك أي كذاب. وقرأ ابن عباس ومجاهد وابن الزبير ﴿وذلك أَفَكَهُم﴾ بفتح الهمزة


الصفحة التالية
Icon