﴿وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ﴾ أي ما اشتهوا. وهذا التزيين من جهة الله خلقا. ويجوز أن يكون من الشيطان دعاء ووسوسة. ويجوز أن يكون من الكافر، أي زين لنفسه سوء عمله وأصر على الكفر. وقال: ﴿سوء﴾ على لفظ ﴿من﴾ ﴿واتبعوا﴾ على معناه.
الآية: ١٥ ﴿مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفّىً وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ﴾
قوله تعالى: ﴿مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ﴾ لما قال عز وجل: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ﴾ [الحج: ١٤] وصف تلك الجنات، أي صفة الجنة المعدة للمتقين. وقد مضى الكلام في هذا في "الرعد". وقرأ علي بن أبي طالب ﴿مثال الجنة التي وعد المتقون﴾. ﴿فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ﴾ أي غير متغير الرائحة. والآسن من الماء مثل الآجن. وقد أسن الماء يأسن ويأسن أسنا وأسونا إذا تغيرت رائحته. وكذلك أجن الماء يأجن ويأجن أجنا وأجونا. ويقال بالكسر فيهما: أجن وأسن يأسن ويأجن أسنا وأجنا، قاله اليزيدي. وأسن الرجل أيضا يأسن "بالكسر لا غير" إذا دخل البئر فأصابته ريح منتنة من ريح البئر أو غير ذلك فغشي عليه أو دار رأسه، قال زهير:

قد أترك القِرن مصفرا أنامله يميد في الرمح ميد المائح الأسن
ويروى "الوسن". وتأسن الماء تغير. أبو زيد: تأسن علي تأسنا اعتل وأبطأ. أبو عمرو: تأسن الرجل أباه أخذ أخلاقه. وقال اللحياني: إذا نزع إليه في الشبه، وقراءة العامة "آسن" بالمد. وقرأ ابن كثير وحميد ﴿أسن﴾ بالقصر، وهما لغتان، مثل حاذر وحذر. وقال الأخفش: أسن للحال، وآسن "مثل فاعل" يراد به الاستقبال.
قوله تعالى: {وَأَنْهَارٌ مِنْ


الصفحة التالية
Icon