قال الأصمعي: معناه قاربه ما يهلكه، أي نزل به. وأنشد:

فعادى بين هاديتين منها وأولى أن يزيد على الثلاث
أي قارب أن يزيد. قال ثعلب: ولم يقل أحد في ﴿أولى﴾ أحسن مما قال الأصمعي. وقال المبرد: يقال لمن هم بالعطب ثم أفلت: أولى لك، أي قاربت العطب. كما روي أن أعرابيا كان يوالي رمي الصيد فيفلت منه ليقول: أولى لك. ثم رمى صيدا فقاربه ثم أفلت منه فقال:
فلو كان أولى يطعم القوم صدتهم ولكن أولى يترك القوم جوعا
وقيل: هو كقول الرجل لصاحبه: يا محروم، أي شيء فاتك وقال الجرجاني: هو مأخوذ من الويل، فهو أفعل، ولكن فيه قلب، وهو أن عين الفعل وقع موقع اللام. وقد تم الكلام على قوله: ﴿فأولى لهم﴾. قال قتادة: كأنه قال العقاب أولى لهم. وقيل: أي وليهم المكروه. ثم قال: "طاعة وقول معروف" أي طاعة وقول معروف أمثل وأحسن، وهو مذهب سيبويه والخليل. وقيل: إن التقدير أمرنا طاعة وقول معروف، فحذف المبتدأ فيوقف على ﴿فَأَوْلَى لَهُمْ﴾ وكذا من قدر يقولون منا طاعة. وقيل: إن الآية الثانية متصلة بالأولى. واللام في قوله: ﴿لهم﴾ بمعنى الباء، أي الطاعة أولى وأليق بهم، وأحق لهم من ترك أمتثال أمر الله. وهي قراءة أبي ﴿يقولون طاعة﴾. وقيل إن: ﴿طاعة﴾ نعت لـ "سورة"، على تقدير: فإذا أنزلت سورة ذات طاعة، فلا يوقف على هذا على ﴿فأولى لهم﴾. قال ابن عباس: إن قولهم ﴿طاعة﴾ إخبار من الله عز وجل عن المنافقين. والمعنى لهم طاعة وقول معروف، قيل: وجوب الفرائض عليهم، فإذا أنزلت الفرائض شق عليهم نزولها. فيوقف على هذا على ﴿فأولى﴾. ﴿فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ﴾ أي جد القتال، أو وجب فرض القتال، كرهوه. فكرهوه جواب ﴿إذا﴾ وهو محذوف. وقيل: المعنى فإذا عزم أصحاب الأمر. ﴿فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ﴾ أي في الإيمان والجهاد. ﴿لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ﴾ من المعصية والمخالفة.


الصفحة التالية
Icon