في "البقرة". وقراءة العامة بالنون في ﴿نبلونكم﴾ و ﴿نعلم﴾ ﴿ونبلو﴾. وقرأ أبو بكر عن عاصم بالياء فيهن. وروى رويس عن يعقوب إسكان الواو من ﴿نبلو﴾ على القطع مما قبل. ونصب الباقون ردا على قوله: ﴿حتى نعلم﴾. وهذا العلم هو العلم الذي يقع به الجزاء، لأنه إنما يجازيهم بأعمالهم لا بعلمه القديم عليهم. فتأويله: حتى نعلم المجاهدين علم شهادة، لأنهم إذا أمروا بالعمل يشهد منهم ما عملوا، فالجزاء بالثواب والعقاب يقع على علم الشهادة. ﴿وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ﴾ نختبرها ونظهرها. قال إبراهيم بن الأشعث: كان الفضيل بن عياض إذا قرأ هذه الآية بكى وقال: اللهم لا تبتلنا فإنك إذا بلوتنا فضحتنا وهتكت أستارنا.
الآية: ٣٢ ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئاً وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ﴾
قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾ يرجع إلى المنافقين أو إلى اليهود. وقال ابن عباس: هم المطعمون يوم بدر. نظيرها: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [الأنفال: ٣٦] الآية. ﴿وَشَاقُّوا الرَّسُولَ﴾ أي عادوه وخالفوه. ﴿مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى﴾ أي علموا أنه نبي بالحجج والآيات. ﴿لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئاً﴾ بكفرهم. ﴿وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ﴾ أي ثواب ما عملوه.
الآية: ٣٣ ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ﴾
فيه مسألتان:
الأولى: قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ﴾ لما بين حال الكفار أمر المؤمنين بلزوم الطاعة في أوامره والرسول في سننه. ﴿وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ﴾ أي حسناتكم بالمعاصي، قال الحسن. وقال الزهري: بالكبائر. ابن جريج: بالرياء والسمعة.


الصفحة التالية
Icon