﴿مَا تَقَدَّمَ﴾ قبل الفتح. ﴿وَمَا تَأَخَّرَ﴾ بعد الفتح. وقيل :﴿مَا تَقَدَّمَ﴾ قبل نزول هذه الآية. ﴿وَمَا تَأَخَّرَ﴾ بعدها. وقال عطاء الخرساني: ﴿مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ﴾ يعني من ذنب أبويك آدم وحواء. ﴿وَمَا تَأَخَّرَ﴾ من ذنوب أمتك. وقيل: من ذنب أبيك إبراهيم. ﴿وَمَا تَأَخَّرَ﴾ من ذنوب النبيين. وقيل :﴿مَا تَقَدَّمَ﴾ من ذنب يوم بدر. ﴿وَمَا تَأَخَّرَ﴾ من ذنب يوم حنين. وذلك أن الذنب المتقدم يوم بدر، أنه جعل يدعو ويقول: "اللهم إن تهلك هذه العصابة لا تعبد في الأرض أبدا" وجعل يردد هذا القول دفعات، فأوحى الله إليه: من أين تعلم أني لو أهلكت هذه العصابة لا أعبد أبدا، فكان هذا الذنب المتقدم. وأما الذنب المتأخر فيوم حنين، لما انهزم الناس قال لعمه العباس ولابن عمه أبي سفيان: "ناولاني كفا من حصباء الوادي" فناولاه فأخذه بيده ورمى به في وجوه المشركين وقال: "شاهت الوجوه. حم. لا ينصرون" فانهزم القوم عن آخرهم، فلم يبق أحد إلا امتلأت عيناه رملا وحصباء. ثم نادى في أصحابه فرجعوا فقال لهم عند رجوعهم: "لو لم أرمهم لم ينهزموا" فأنزل الله عز وجل: ﴿وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى﴾ [الأنفال: ١٧] فكان هذا هو الذنب المتأخر. وقال أبو علي الروذباري: يقول لو كان لك ذنب قديم أو حديث لغفرناه لك.
قوله تعالى: ﴿وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ﴾ قال ابن عباس: في الجنة. وقيل: بالنبوة والحكمة. وقيل: بفتح مكة والطائف وخيبر. وقيل: بخضوع من استكبر وطاعة من تجبر. ﴿وَيَهْدِيَكَ صِرَاطاً مُسْتَقِيماً﴾ أي يثبتك على الهدى إلى أن يقبضك إليه. ﴿وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْراً عَزِيزاً﴾ أي غالبا منيعا لا يتبعه ذل.
الآية: ٤ ﴿هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَاناً مَعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً﴾