من البيعة. وقال ابن كيسان: قوه الله ونصرته فوق قوتهم ونصرتهم. ﴿فَمَنْ نَكَثَ﴾ بعد البيعة. ﴿فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ﴾ أي يرجع ضرر النكث عليه، لأنه حرم نفسه الثواب وألزمها العقاب. ﴿وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ﴾ قيل في البيعة. وقيل في إيمانه. وقرأ حفص والزهري "عليه" بضم الهاء. وجرها الباقون. ﴿فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً﴾ يعني في الجنة. وقرأ نافع وابن كثير وابن عامر ﴿فسنؤتيه﴾ بالنون. واختاره الفراء وأبو معاذ. وقرأ الباقون بالياء. وهو اختيار أبي عبيد وأبي حاتم، لقرب اسم الله منه.
الآية: ١١ ﴿سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا فَاسْتَغْفِرْ لَنَا يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرّاً أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعاً بَلْ كَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً﴾
قوله تعالى: ﴿سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ﴾ قال مجاهد وابن عباس: يعني أعراب غفار ومزينة وجهينة وأسلم وأشجع والديل، وهم الأعراب الذين كانوا حول المدينة، تخلفوا عن رسول الله ﷺ حين أراد السفر إلى مكة عام الفتح، بعد أن كان استنفرهم ليخرجوا معه حذرا من قريش، وأحرم بعمرة وساق معه الهدي، ليعلم الناس أنه لا يريد حربا فتثاقلوا عنه واعتلوا بالشغل، فنزلت. وإنما قال: ﴿المخلفون﴾ لأن الله خلفهم عن صحبة نبيه. والمخلف المتروك. وقد مضى في "التوبة". ﴿شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا﴾ أي ليس لنا من يقوم بهما. ﴿فَاسْتَغْفِرْ لَنَا﴾ جاؤوا يطلبون الاستغفار واعتقادهم بخلاف ظاهرهم، ففضحهم الله تعالى بقوله: ﴿يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم﴾ وهذا هو النفاق المحض.
قوله تعالى: ﴿قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرّاً﴾ قرأ حمزة والكسائي ﴿ضُرا﴾ بضم الضاد هنا فقط، أي أمرا يضركم. وقال ابن عباس: الهزيمة.