فاستحييناهم، فأنزل الله تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ﴾. وقال عبدالله بن مغفل المزني: كنا مع النبي ﷺ بالحديبية في أصل الشجرة التي قال الله في القرآن، فبينا نحن كذلك إذ خرج علينا ثلاثون شابا عليهم السلاح فثاروا في وجوهنا فدعا عليهم النبي ﷺ فأخذ الله بأبصارهم، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هل جئتم في عهد أحد أو هل جعل لكم أحد أمانا". قالوا: اللهم لا، فخلى سبيلهم. فأنزل الله تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ﴾ الآية. وذكر ابن هشام عن وكيع: وكانت قريش قد جاء منهم نحو سبعين رجلا أو ثمانين رجلا للإيقاع بالمسلمين وانتهاز الفرصة في أطرافهم، ففطن المسلمون لهم فأخذوهم أسرى، وكان ذلك والسفراء يمشون بينهم في الصلح، فأطلقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهم الذين يسمون العتقاء، ومنهم معاوية وأبوه. وقال مجاهد: أقبل النبي ﷺ معتمرا، إذ أخذ أصحابه ناسا من الحرم غافلين فأرسلهم النبي صلى الله عليه وسلم، فذلك الإظفار ببطن مكة. وقال قتادة: ذكر لنا أن رجلا من أصحاب رسول الله ﷺ يقال له زنيم، اطلع الثنية من الحديبية فرماه المشركون بسهم فقتلوه، فبعث النبي ﷺ خيلا فأتوا باثني عشر فارسا من الكفار، فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: "هل لكم علي ذمة" قالوا لا؟ فأرسلهم فنزلت. وقال ابن أبزى والكلبي: هم أهل الحديبية، كف الله أيديهم عن المسلمين حتى وقع الصلح، وكانوا خرجوا بأجمعهم وقصدوا المسلمين، وكف أيدي المسلمين عنهم. وقد تقدم أن خالد بن الوليد كان في خيل المشركين. قال القشيري: فهذه رواية، والصحيح أنه كان مع النبي ﷺ في ذلك الوقت. وقد قال سلمة بن الأكوع: كانوا في أمر الصلح إذ أقبل أبو سفيان، فإذا الوادي يسير بالرجال والسلاح، قال: فجئت بستة من المشركين أسوقهم متسلحين لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا، فأتيت بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكان عمر قال في الطريق: يا رسول الله، نأتي قوما حربا وليس معنا سلاح ولا كراع؟ فبعث