قول الخليل. أو يكون مفعولا له، كأنه قال: محبوسا كراهية أن يبلغ محله. ويجوز تقدير الجر في ﴿أن﴾ لأن عن تقدمت، فكأنه قال: وصدوكم عن المسجد الحرام، وصدوا الهدي ﴿عن﴾ أن يبلغ محله. ومثله ما حكاه سيبويه عن يونس: مررت برجل إن زيد وإن عمرو، فأضمر الجار لتقدم ذكره.
قوله تعالى: ﴿ وَلَوْلا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَأُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ ﴾ فيه ثلاث مسائل:
الأولى: قوله تعالى: ﴿وَلَوْلا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ﴾ يعني المستضعفين من المؤمنين بمكة وسط الكفار، كسلمه بن هشام وعياش بن أبي ربيعة وأبي جندل بن سهيل، وأشباههم. ﴿لَمْ تَعْلَمُوهُمْ ﴾ أي تعرفوهم. وقيل لم تعلموهم أنهم مؤمنون. ﴿أَنْ تَطَأُوهُمْ﴾ بالقتل والإيقاع بهم، يقال: وطئت القوم، أي أوقعت بهم. و ﴿أن﴾ يجوز أن يكون رفعا على البدل من رجال، ونساء كأنه قال ولولا وطؤكم رجالا مؤمنين ونساء مؤمنات. ويجوز أن يكون نصبا على البدل من الهاء والميم في ﴿تعلموهم﴾، فيكون التقدير: لم تعلموا وطأهم، وهو في الوجهين بدل الاشتمال. ﴿لَمْ تَعْلَمُوهُمْ﴾ نعت لـ ﴿رجال﴾ و ﴿نساء﴾. وجواب ﴿لولا﴾ محذوف، والتقدير: ولو أن تطؤوا رجالا مؤمنين ونساء مؤمنات لم تعلموهم لأذن الله لكم في دخول مكة، ولسلطكم عليهم، ولكنا صنا من كان فيها يكثم إيمانه. وقال الضحاك: لولا من في أصلاب الكفار وأرحام نسائهم من رجال مؤمنين ونساء مؤمنات لم تعلموا أن تطؤوا آباءهم فتهلك أبناؤهم.
الثانية: قوله تعالى: ﴿فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ﴾ المعرة العيب، وهي مفعلة من العر وهو الجرب، أي يقول المشركون: قد قتلوا أهل دينهم. وقيل: المعنى يصيبكم من قتلهم ما يلزمكم من أجله كفارة قتل الخطأ، لأن الله تعالى إنما أوجب على قاتل المؤمن في دار الحرب إذا لم يكن هاجر منها ولم يعلم بإيمانه الكفارة دون الدية في قوله: ﴿فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ﴾ [النساء: ٩٢] قاله الكلبي ومقاتل وغيرهما. وقد مضى