وقيل في الآخرة إذا قام من قبره؛ قال سعيد الجريري. وفي الخبر: أن الكافر إذا خرج من قبره يشفع بشيطان لا يزال معه حتى يدخل النار. وأن المؤمن يشفع بملك حتى يقضي الله بين خلقه؛ ذكره المهدوي. وقال القشيري: والصحيح فهو له قرين في الدنيا والآخرة. وقال أبو الهيثم والأزهري: عشوت إلى كذا أي قصدته. وعشوت عن كذا أي أعرضت عنه، فتفرق بين "إلى" و"عن"؛ مثل: ملت إليه وملت عنه. وكذا قال قتادة: يعش، يعرض؛ وهو قول الفراء. النحاس: وهو غير معروف في اللغة. وقال القرظي: يولي ظهره؛ والمعنى واحد. وقال أبو عبيدة والأخفش: تظلم عينه. وأنكر العتبي عشوت بمعنى أعرضت؛ قال: وإنما الصواب تعاشيت. والقول قول أبي الهيثم والأزهري. وكذلك قال جميع أهل المعرفة. وقرأ السلمي وابن أبي إسحاق ويعقوب وعصمة عن عاصم وعن الأعمش ﴿يقيض له شيطان فهو له قرين ﴾ "بالياء" لذكر ﴿الرحمن﴾ أولا؛ أي يقيض له الرحمن شيطانا. الباقون بالنون. وعن ابن عباس ﴿ يقيض له ﴾ أي ملازم ومصاحب. قيل: ﴿فهو﴾ كناية عن الشيطان؛ على ما تقدم. وقيل عن الإعراض عن القرآن؛ أي هو قرين للشيطان. ﴿وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ﴾ أي وإن الشياطين ليصدونهم عن سبيل الهدى؛ وذكر بلفظ الجمع لأن ﴿من﴾ في قوله: ﴿وَمَنْ يَعْشُ﴾ في معنى الجمع. ﴿وَيَحْسَبُونَ﴾ أي ويحسب الكفار ﴿أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ﴾ وقيل: ويحسب الكفار إن الشياطين مهتدون فيطيعونهم.
قوله تعالى: ﴿حَتَّى إِذَا جَاءَنَا﴾ على التوحيد قرأ أبو عمرو وحمزة والكسائي وحفص يعني الكافر يوم القيامة. الباقون ﴿جاءانا﴾ على التثنية، يعني الكافر وقرينه وقد جعلا في سلسلة واحدة؛ فيقول الكافر: ﴿يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ﴾ أي مشرق الشتاء ومشرق الصيف، كما قال تعالى: ﴿رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ﴾ [الرحمن: ١٧] ونحوه قول مقاتل. وقراءة التوحيد وإن كان ظاهرها الإفراد فالمعنى لهما جميعا؛ لأنه قد عرف ذلك بما بعده؛ كما قال:
وعين لها حدرة بدرة... شقت مآقيهما من أخر


الصفحة التالية
Icon