فضم الهاء حملا على ضم الياء؛ وقد مضى في "النور" معنى هذا. ووقف أبو عمرو وابن أبي إسحاق ويحيى والكسائي ﴿أيها﴾ بالألف على الأصل. الباقون بغير ألف؛ لأنها كذلك وقعت في المصحف. ﴿ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ إِنَّنَا لَمُهْتَدُونَ﴾ ﴿ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ﴾ أي بما أخبرنا عن عهده إليك إنا إن آمنا كشف عنا؛ فسله يكشف عنا ﴿إِنَّنَا لَمُهْتَدُونَ﴾ أي فيما يستقبل. ﴿فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ﴾ أي فدعا فكشفنا. ﴿إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ﴾ أي ينقضون العهد على أنفسهم فلم يؤمنوا. وقيل: قولهم: ﴿إِنَّنَا لَمُهْتَدُونَ﴾ إخبار منهم عن أنفسهم بالإيمان؛ فلما كشف عنهم العذاب ارتدوا.
قوله تعالى: ﴿وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ﴾ قيل: لما رأى تلك الآيات خاف ميل القوم إليه فجمع قومه فقال: فنادى بمعنى قال؛ قاله أبو مالك. فيجوز أن يكون عنده عظماء القبط فرفع صوته بذلك فيما بينهم ثم ينشر عنه في جموع القبط؛ وكأنه نودي بينهم. وقيل: إنه أمر من ينادي في قومه؛ قاله ابن جريج. ﴿قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ﴾ أي لا ينازعني فيه أحد. قيل: إنه ملك منها أربعين فرسخا في مثلها؛ حكاه النقاش. وقيل أراد بالملك هنا الإسكندرية. ﴿وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي﴾ يعني أنهار النيل، ومعظمها أربعة: نهر الملك ونهر طولون ونهر دمياط ونهر تنيس. وقال قتادة: كانت جنانا وأنهارا تجري من تحت قصوره. وقيل: من تحت سريره. وقيل: ﴿مِنْ تَحْتِي﴾ قال القشيري: ويجوز ظهور خوارق العادة على مدعي الربوبية؛ إذ لا حاجة في التمييز الإله من غير الإله إلى فعل خارق للعادة. وقيل معنى ﴿وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي﴾ أي القواد والرؤساء والجبابرة يسيرون من تحت لوائي؛ قاله الضحاك. وقيل: أراد بالأنهار الأموال، وعبر عنها بالأنهار لكثرتها وظهورها. وقوله: ﴿تَجْرِي مِنْ تَحْتِي﴾ أي أفرقها على من يتبعني؛ لأن الترغيب والقدرة في الأموال دون