و ﴿خُشَّعاً﴾ جمع خاشع والنصب فيه على الحال من الهاء والميم في ﴿عَنْهُمْ﴾ فيقبح الوقف على هذا التقدير على ﴿عَنْهُمْ﴾ ويجوز أن يكون حالا من المضمر في ﴿يَخْرُجُونَ﴾ فيوقف على ﴿عَنْهُمْ﴾ وقرئ ﴿خُشَّعٌ أَبْصَارُهُمْ﴾ على الابتداء والخبر، ومحل الجملة النصب على الحال، كقوله:
وجدته حاضراه الجود والكرم
قوله تعالى: ﴿يَخْرُجُونَ مِنَ الأَجْدَاثِ﴾ أي القبور واحدها جدث. ﴿كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ﴾ وقال في موضع آخر: ﴿يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ﴾ [القارعة: ٤] فهما صفتان في وقتين مختلفين؛ أحدهما: عند الخروج من القبور، يخرجون فزعين لا يهتدون أين يتوجهون، فيدخل بعضهم في بعض؛ فهم حينئذ كالفراش المبثوث بعضه في بعض لا جهة له يقصدها الثاني: فإذا سمعوا المنادي قصدوه فصاروا كالجراد المنتشر؛ لأن الجراد له جهة يقصدها. و﴿مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ﴾ معناه مسرعين؛ قاله أبو عبيدة. ومنه قول الشاعر:
بدجلة دارهم ولقد أراهم | بدجلة مهطعين إلى السماع |
الضحاك: مقبلين. قتادة: عامدين. ابن عباس: ناظرين. عكرمة: فاتحين آذانهم إلى الصوت. والمعنى متقارب. يقال: هطع الرجل يهطع هطوعا إذا أقبل على الشيء ببصره لا يقلع عنه؛ وأهطع إذا مد عنقه وصوب رأسه. قال الشاعر:
تعبدني نمر بن سعد وقد أرى | ونمر بن سعد لي مطيع ومهطع |
وبعير مهطع: في عنقه تصويب خلقة. وأهطع في عدوه أي أسرع.
﴿يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ﴾ يعني يوم القيامة لما ينالهم فيه من الشدة.