﴿أَبَشَرٌ﴾ بالرفع ﴿مِنَّا وَاحِداً﴾ بالنصب، رفع ﴿أَبَشَرٌ﴾ بإضمار فعل يدل عليه ﴿أَأُلْقِيَ﴾ كأنه قال: أينبأ بشر منا، وقوله: ﴿وَاحِداً﴾ يجوز أن يكون حالا من المضمر في ﴿مِنَّا﴾ والناصب له الظرف، والتقدير أينبأ بشر كائن منا منفردا؛ ويجوز أن يكون حالا من الضمير في ﴿نَتَّبِعُهُ﴾ منفردا لا ناصر له. ﴿إِنَّا إِذاً لَفِي ضَلالٍ﴾ أي ذهاب عن الصواب ﴿وَسُعُرٍ﴾ أي جنون، من قولهم: ناقة مسعورة، أي كأنها من شدة نشاطها مجنونة، ذكره ابن عباس. قال الشاعر يصف ناقته:
تخال بها سعرا إذا السفر هزها... ذميل وإيقاع من السير متعب
الذميل ضرب من سير الإبل. قال أبو عبيد: إذا ارتفع السير عن العنق قليلا فهو التزيد، فإذا ارتفع عن ذلك فهو الذميل، ثم الرسيم؛ يقال: ذمل ويذمل ويذمل ذميلا. قال الأصمعي: ولا يذمل بعير يوما وليلة إلا مهري قاله ج. وقال ابن عباس أيضا: السعر العذاب، وقاله الفراء. مجاهد: بعد الحق. السدي: في احتراق. قال:
أصحوت اليوم أم شاقتك هر... ومن الحب جنون مستعر
أي متقد ومحترق. أبو عبيدة: هو جمع سعير وهو لهيب النار. والبعير المجنون يذهب كذا وكذا لما يتلهب به من الحدة. ومعنى الآية: إنا إذا لفي شقاء وعناء مما يلزمنا.
قوله تعالى: ﴿أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنَا﴾ أي خصص بالرسالة من بين ال ثمود وفيهم من هو أكثر مالا وأحسن حالا؟! وهو استفهام معناه الإنكار. ﴿بََلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ﴾ أي ليس كما يدعيه وإنما يريد أن يتعاظم ويلتمس التكبر علينا من غير استحقاق. والأشر المرح والتجبر والنشاط. يقال: فرس أشر إذا كان مرحا نشيطا قال امرؤ القيس يصف كلبا:
فيدركنا فغم داجن... سميع بصير طلوب نكر
ألص الضروس حني الضلوع... تبوع أريب نشيط أشر


الصفحة التالية
Icon