الآية: ٤٧ - ٤٩ ﴿إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ﴾
قوله تعالى: ﴿إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ﴾ أي في حيدة عن الحق و ﴿وَسُعُرٍ﴾ أي احتراق. وقيل: جنون على ما تقدم في هذه السورة. ﴿يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ﴾ في صحيح مسلم عن أبي هريرة قال: جاء مشركو قريش يخاصمون رسول الله ﷺ في القدر فنزلت: ﴿يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ﴾ خرجه الترمذي أيضا وقال: حديث حسن صحيح. وروى مسلم عن طاوس قال: أدركت ناسا من أصحاب رسول الله يقولون: كل شيء بقدر. قال: وسمعت عبدالله بن عمر يقول: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "كل شيء بقدر حتى العجز والكَيس - أو الكيس والعجز" وهذا إبطال لمذهب القدرية. ﴿ذُوقُوا﴾ أي يقال لهم ذوقوا، ومسها ما يجدون من الألم عند الوقوع فيها. و ﴿سَقَرَ﴾ اسم من أسماء جهنم لا ينصرف؛ لأنه اسم مؤنث معرفة، وكذا لظى وجهنم. وقال عطاء: ﴿سَقَرَ﴾ الطبق السادس من جهنم. وقال قطرب :﴿سَقَرَ﴾ من سقرته الشمس وصقرته لوحته. ويوم مسمقر ومصمقر: شديد الحر.
قوله تعالى: ﴿إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ﴾ قراءة العامة ﴿كُلَّ﴾ بالنصب. وقرأ أبو السمال ﴿كُلُّ﴾ بالرفع على الابتداء. ومن نصب فبإضمار فعل وهو اختيار الكوفيين؛ لأن إن تطلب الفعل فهي به أولى، والنصب أدل على العموم في المخلوقات لله تعالى؛ لأنك لو حذفت ﴿خَلَقْنَاهُ﴾ المفسر وأظهرت الأول لصار إنا خلقنا كل شيء بقدر. ولا يصح كون خلقناه صفة لشيء؛ لأن الصفة لا تعمل فيما قبل الموصوف، ولا تكون تفسيرا لما يعمل فيما قبله.


الصفحة التالية
Icon