أصحاب التأخر. والعرب تقول: اجعلني في يمينك ولا تجعلني في شمالك، أي أجعلني من المتقدمين ولا تجعلنا من المتأخرين. والتكرير في ﴿مَاصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ﴾. و ﴿مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ﴾ للتفخيم والتعجيب، كقوله: ﴿الْحَاقَّةُ مَا الْحَاقَّةُ﴾ و﴿الْقَارِعَةُ مَا الْقَارِعَةُ﴾ كما يقال: زيد ما زيد! وفي حديث أم زرع رضي الله عنها: مالك وما مالك! والمقصود تكثير ما لأصحاب الميمنة من الثواب ولأصحاب المشأمة من العقاب. وقيل: ﴿أَصْحَابُ﴾ رفع بالابتداء والخبر ﴿مَاأصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ﴾ كأنه قال: ﴿فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ﴾ ما هم، المعنى: أي شيء هم. وقيل: يجوز أن تكون ﴿ما﴾ تأكيدا، والمعنى فالذين يعطون كتابهم بأيمانهم هم أصحاب التقدم وعلو المنزلة.
قوله تعالى: ﴿وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ﴾ روي عن النبي ﷺ أنه قال: "السابقون الذين إذا أعطوا الحق قبلوه وإذا بذلوه وحكموا للناس كحكمهم لأنفسهم" ذكره المهدوي. وقال محمد بن كعب القرظي: إنهم الأنبياء. الحسن وقتادة: السابقون إلى الإيمان من كل أمة. ونحوه عن عكرمة. محمد بن سيرين: هم الذين صلوا إلى القبلتين، دليله قوله تعالى: ﴿وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ﴾. وقال مجاهد وغيره: هم السابقون إلى الجهاد، وأول الناس رواحا إلى الصلاة. وقال علي رضي الله عنه: هم السابقون إلى الصلوات الخمس. الضحاك: إلى الجهاد. سعيد بن جبير: إلى التوبة وأعمال البر، قال الله تعالى: ﴿وَجَنَّةٍ﴾ ثم أثنى عليهم فقال: ﴿أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ﴾ وقيل: إنهم أربعة، منهم سابق أمة موسى وهو حزقيل مؤمن آل فرعون، وسابق أمة عيسى وهو حبيب النجار صاحب أنطاكية، وسابقان في أمة محمد ﷺ وهما أبو بكر وعمر رضي الله عنهما، قال ابن عباس، حكاه الماوردي. وقال شميط بن العجلان: الناس ثلاثة، فرجل ابتكر للخير في حداثة سنه