عتقد أن النوء ينزل الله به الماء، وأنه سبب الماء على ما قدره الله وسبق في علمه، وهذا وإن كان وجها مباحا، فإن فيه أيضا كفرا بنعمة الله عز وجل، وجهلا بلطيف حكمته في أنه ينزل الماء متى شاء، مرة بنوء كذا، ومرة بنوء كذا، وكثيرا ما ينوء النوء فلا ينزل معه شيء من الماء، وذلك من الله تعالى لا من النوء. وكذلك كان أبو هريرة يقول إذا أصبح وقد مطر: مطرنا بنوء الفتح، ثم يتلو: ﴿مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا ﴾ قال أبو عمر: وهذا عندي نحو قول وسول الله صلى الله عليه وسلم: "مطرنا بفضل الله ورحمته". ومن هذا الباب قول عمر بن الخطاب للعباس بن عبدالمطلب حين استسقى به: يا عم رسول الله ﷺ كم بقي من نوء الثريا؟ فقال العباس: العلماء يزعمون أنها تعترض في الأفق سبعا بعد سقوطها. فما مضت سابعة حتى مطروا، فقال عمر: الحمد لله هذا بفضل الله ورحمته. وكان عمر رحمه الله قد علم أن نوء الثريا وقت يرجى فيه المطر ويؤمل فسأله عنه أخرج أم بقيت منه بغية؟ وروى سفيان بن عيينة عن إسماعيل بن أمية أن النبي ﷺ سمع رجلا في بعض أسفاره يقول: مطرنا ببعض عثانين الأسد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كذبت بل هو سقيا الله عز وجل" قال سفيان: عثانين الأسد الذراع والجبهة. وقراءة العامة ﴿تُكَذِّبُونَ﴾ من التكذيب. وقرأ المفضل عن عاصم ويحيى بن وثاب ﴿تُكَذِّبُونَ﴾ بفتح التاء مخففا. ومعناه ما قدمناه من قول من قال: مطرنا بنوء كذا. وثبت من حديث أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاث لن يزلن في أمتي التفاخر في الأحساب والنياحة والأنواء" ولفظ مسلم في هذا "أربع في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركونهن الفخر في الأحساب والطعن في الأنساب والاستسقاء بالنجوم والنياحة".
قوله تعالى: ﴿فَلَوْلا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ﴾ أي فهلا إذا بلغت النفس أو الروح الحلقوم. ولم يتقدم لها ذكر، لأن المعنى معروف، قال حاتم.



الصفحة التالية
الموسوعة القرآنية Quranpedia.net - © 2024
Icon
أماوي ما يغني الثراء عن الفتى إذا حشرجت يوما وضاق بها الصدر