فيه ثلاث مسائل:
الأولى- قوله تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى﴾ قيل: إن هذا في اليهود والمنافقين حسب ما قدمناه. وقيل: في المسلمين. قال ابن عباس: نزلت في اليهود والمنافقين كانوا يتناجون فيما بينهم، وينظرون للمؤمنين ويتغامزون بأعينهم، فيقول المؤمنون: لعلهم بلغهم عن إخواننا وقرابتنا من المهاجرين والأنصار قتل أو مصيبة أو هزيمة، ويسوءهم ذلك فكثرت شكواهم إلى النبي صلى ا لله عليه وسلم، فنهاهم عن النجوى فلم ينتهوا فنزلت. وقال مقاتل: كان بين النبي ﷺ وبين اليهود موادعة، فإذا مر بهم رجل من المؤمنين تناجوا بينهم حتى يظن المؤمن شرا، فيعرج عن طريقه، فنهاهم رسول الله ﷺ فلم ينتهوا فنزلت. وقال عبدالرحمن بن زيد بن أسلم: كان الرجل يأتي النبي ﷺ فيسأل الحاجة ويناجيه والأرض يومئذ حرب، فيتوهمون أنه يناجيه في حرب أو بلية أو أمر مهم فيفزعون لذلك فنزلت.
الثانية- روى أبو سعيد الخدري قال: كنا ذات ليلة نتحدث إذ خرج علينا رسول الله ﷺ فقال: "ما هذه النجوى ألم تنهوا عن النجوى" فقلنا: تبنا إلى الله يا رسول الله، إنا كنا في ذكر المسيخ - يعني الدجال - فرقا منه. فقال: "ألا أخبركم بما هو أخوف عندي منه" قلنا: بلى يا رسول الله، قال: "الشرك الحفي أن يقوم الرجل يعمل لمكان رجل" ذكره الماوردي. وقرأ حمزة وخلف ورويس عن يعقوب ﴿وَيَنتجُوْنَ﴾ في وزن يفتعلون وهي قراءة عبدالله وأصحابه. وقرأ الباقون ﴿وَيَتَنَاجَوْنَ﴾ في وزن يتفاعلون، واختاره أبو عبيد وأبو حاتم، لقوله تعالى: ﴿إِذَا تَنَاجَيْتُمْ﴾ و ﴿تَنَاجَوْا﴾. النحاس: وحكى سيبويه أن تفاعلوا وافتعلوا يأتيان بمعنى واحد، نحو تخاصموا واختصموا، وتقاتلوا واقتتلوا فعلى هذا ﴿يَتَنَاجَوْنَ﴾ و ﴿وَيَنتجُوْنَ﴾ واحد. ومعنى ﴿بِالأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ أي الكذب والظلم. ﴿وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ﴾ أي مخالفته. وقرأ الضحاك ومجاهد وحميد ﴿وَمَعْصِيَاتِ الرَّسُولِ﴾ بالجمع.