السادسة- قوله تعالى: ﴿يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ﴾ أي في قبوركم. وقيل: في قلوبكم. وقيل: يوسع عليكم في الدنيا والآخرة. ﴿وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا﴾ قرأ نافع وابن عامر وعاصم بضم الشين فيهما. وكسر الباقون، وهما لغتان مثل ﴿يَعْكُفُونَ﴾ و ﴿يَعْرِشُونَ﴾ والمعنى انهضوا إلى الصلاة والجهاد وعمل الخير، قال أكثر المفسرين. وقال مجاهد والضحاك: إذا نودي للصلاة فقوموا إليها. وذلك أن رجالا تثاقلوا عن الصلاة فنزلت. وقال الحسن ومجاهد أيضا: أي انهضوا إلى الحرب. وقال ابن زيد: هذا في بيت النبي صلى الله عليه وسلم، كان كل رجل منهم يحب أن يكون آخر عهده بالنبي ﷺ فقال الله تعالى: ﴿وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا﴾ عن النبي ﷺ ﴿فَانْشُزُوا﴾ فإن له حوائج فلا تمكثوا. وقال قتادة: المعنى أجيبوا إذا دعيتم إلى أمر بمعروف. وهذا هو الصحيح، لأنه يعم. والنشز الارتفاع، مأخوذ من نشز الأرض وهو ارتفاعها، يقال نشز ينشز وينشز إذا انتحى من موضعه، أي ارتفع منه. وامرأة ناشز منتحية عن زوجها. وأصل هذا من النشز، والنشز هو ما ارتفع من الأرض وتنحى، ذكره النحاس.
السابعة- قوله تعالى: ﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾ أي في الثواب في الآخرة وفي الكرامة في الدنيا، فيرفع المؤمن على من ليس بمؤمن والعالم على من ليس بعالم. وقال ابن مسعود: مدح الله العلماء في هذه الآية. والمعنى أنه يرفع الله الذين أوتوا العلم على الذين آمنوا ولم يؤتوا العلم ﴿دَرَجَاتٍ﴾ أي درجات في دينهم إذا فعلوا ما أمروا به. وقيل: كان أهل الغنى يكرهون أن يزاحمهم من يلبس الصوف فيستبقون إلى مجلس النبي ﷺ فالخطاب لهم. ورأى عليه الصلاة والسلام رجلا من الأغنياء يقبض ثوبه نفورا من بعض الفقراء أراد أن يجلس إليه فقال: "يا فلان خشيت أن يتعدى غناك إليه أو فقره إليك" وبين في هذه الآية أن الرفعة عند الله تعالى بالعلم والإيمان لا بالسبق إلى صدور المجالس. وقيل: أراد بالذين أوتوا العلم الذين قرؤوا القرآن. وقال يحيى بن يحيى عن مالك: ﴿ يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ﴾ الصحابة ﴿وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾ يرفع الله بها العالم والطالب للحق.