ومن قرأ ﴿الْحِبُكِ﴾ فهو شاذ إذ ليس في كلام العرب فعل، وهو محمول على تداخل اللغات، كأنه كسر الحاء ليكسر الباء ثم تصور ﴿الْحُبُكِ﴾ فضم الباء. وقال جميعه المهدوي.
قوله تعالى: ﴿إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ﴾ هذا جواب القسم الذي هو ﴿وَالسَّمَاءَ﴾ أي إنكم يا أهل مكة ﴿لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ﴾ في محمد والقرآن فمن مصدق ومكذب. وقيل: نزلت في المقتسمين. وقيل: أختلافهم قولهم ساحر بل شاعر بل أفتراه بل هو مجنون بل هو كاهن بل هو أساطير الأولين. وقيل: أختلافهم أن منهم من نفى الحشر ومنهم من شك فيه. وقيل: المراد عبدة الأوثان والأصنام يقرون بأن الله خالقهم ويعبدون غيره. ﴿يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ﴾ أي يصرف عن الإيمان بمحمد والقرآن من صرف؛ عن الحسن وغيره. وقيل: المعنى يصرف عن الإيمان من أراده بقولهم هو سحر وكهانة وأساطير الأولين. وقيل: المعنى يصرف عن ذلك الاختلاف من عصمه الله. أفكه يأفكه أفكا أي قلبه وصرفه عن الشيء؛ ومنه قوله تعالى: ﴿أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا﴾ [الأحقاف: ٢٢]. وقال مجاهد: معنى ﴿ يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ﴾ يؤفك عنه من أفك، والأفك فساد العقل. الزمخشري: وقرئ ﴿يُؤْفَنُ عَنْهُ مَنْ أُفِنََ﴾ أي يحرمه من حرم؛ من أفك الضرع إذا أنهكه حلبا. وقال قطرب: يخدع عنه من خدع. وقال اليزيدي: يدفع عنه من دفع. والمعنى واحد وكله راجع إلى معنى الصرف.
قوله تعالى: ﴿قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ﴾ في التفسير: لعن الكذابون. وقال ابن عباس: أي قتل المرتابون؛ يعني الكهنة. وقال الحسن: هم الذين يقولون لسنا نبعث. ومعنى ﴿قُتِلَ﴾ أي هؤلاء ممن يجب أن يدعى عليهم بالقتل على أيدي المؤمنين. وقال الفراء: معنى ﴿قُتِلَ﴾ لعن؛ قال: و ﴿الْخَرَّاصُونَ﴾ الكذابون الذين يتخرصون بما لا يعلمون؛ فيقولون: إن محمدا مجنون كذاب. ساحر شاعر؛ وهذا دعاء عليهم؛ لأن من لعنه الله فهو بمنزلة المقتول الهالك. قال ابن الأنباري: علمنا الدعاء عليهم؛ أي قولوا: ﴿قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ﴾ وهو جمع خارص والخرص الكذب والخراص الكذاب، وقد خرص يخرص بالضم خرصا أي كذب؛


الصفحة التالية
Icon