آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا} [الحجرات: ١٤] يدل على الفرق بين الإيمان والإسلام وهو مقتضى حديث جبريل عليه السلام في صحيح مسلم وغيره. وقد بيناه في غير موضع. ﴿وَتَرَكْنَا فِيهَا آيَةً﴾ أي عبرة وعلامة لأهل ذلك الزمان ومن بعدهم؛ نظيره: ﴿وَلَقَدْ تَرَكْنَا مِنْهَا آيَةً بَيِّنَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾ [العنكبوت: ٣٥]. ثم قيل: الآية المتروكة نفس القرية الخربة. وقيل: الحجارة المنضودة التي رجموا بها هي الآية. ﴿لِلَّذِينَ يَخَافُونَ﴾ لأنهم المنتفعون.
الآية: ٣٨ - ٤٠ ﴿وَفِي مُوسَى إِذْ أَرْسَلْنَاهُ إِلَى فِرْعَوْنَ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ وَقَالَ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ﴾
قوله تعالى: ﴿وَفِي مُوسَى﴾ أي وتركنا أيضا في قصة موسى آية. وقال الفراء: هو معطوف على قوله: ﴿وَفِي الأَرْضِ آيَاتٌ﴾ ﴿وَفِي مُوسَى﴾ ﴿إِذْ أَرْسَلْنَاهُ إِلَى فِرْعَوْنَ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ﴾ أي بحجة بينة وهي العصا. وقيل: أي بالمعجزات من العصا وغيرها.﴿فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ﴾ أي فرعون أعرض عن الإيمان ﴿بِرُكْنِهِ﴾ أي بمجموعة وأجناده؛ قال ابن زيد. وهو معنى قول مجاهد، ومنه قوله: ﴿أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ﴾ [هود: ٨٠] يعني المنعة والعشيرة. وقال ابن عباس وقتادة: بقوته. ومنه قوله عنترة:

فما أوهى مراس الحرب ركني ولكن ما تقادم من زماني
وقيل: بنفسه. وقال الأخفش: بجانبه؛ كقوله تعالى: ﴿أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ﴾ [فصلت: ٥١] وقاله المؤرج. الجوهري: وركن الشيء جانبه الأقوى، وهو يأوي إلى ركن شديد أي عزة ومنعه. القشيري: والركن جانب البدن. وهذا عبارة عن المبالغة في الإعراض عن الشيء


الصفحة التالية
Icon