الأخفش: هو جماعة لا واحد له، والمنون يذكر ويؤنث؛ فمن ذكره جعله الدهر أو الموت، ومن أنثه فعلى الحمل على المعنى كأنه أراد المنية.
قوله تعالى :﴿قُلْ تَرَبَّصُوا﴾ أي قل لهم يا محمد تربصوا أي انتظروا. ﴿فَإِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُتَرَبِّصِينَ﴾ أي من المنتظرين بكم العذاب؛ فعذبوا يوم بدر بالسيف.
قوله تعالى: ﴿أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلامُهُمْ﴾ أي عقولهم ﴿بِهَذَا﴾ أي بالكذب عليك.﴿أَمْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ﴾ أي أم طغوا بغير عقول. وقيل: ﴿أَمْ﴾ بمعنى بل؛ أي بل كفروا طغيانا وإن ظهر لهم الحق. وقيل لعمرو بن العاص: ما بال قومك لم يؤمنوا وقد وصفهم الله بالعقل؟ فقال: تلك عقول كادها الله؛ أي لم يصحبها بالتوفيق. وقيل: ﴿أَحْلامُهُمْ﴾ أي أذهانهم؛ لأن العقل لا يعطى للكافر ولو كان له عقل لآمن. وإنما يعطى الكافر الذهن فصار عليه حجة. والذهن يقبل العلم جملة، والعقل يميز العلم ويقدر المقادير لحدود الأمر والنهي. وروي عن النبي ﷺ أن رجلا قال: يا رسول الله، ما أعقل فلانا النصراني! فقال: "مه إن الكافر لا عقل له أما سمعت قول الله تعالى: ﴿وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ﴾ [الملك: ١٠]". وفي حديث ابن عمر: فزجره النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قال: "مه فإن العاقل من يعمل بطاعة الله" ذكره الترمذي الحكيم أبو عبدالله بإسناده.
قوله تعالى: ﴿أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ﴾ أي افتعله وافتراه، يعني القرآن. والتقول تكلف القول، وإنما يستعمل في الكذب في غالب الأمر. ويقال قولتني ما لم أقل! وأقولتني ما لم أقل؛ أي آدعيته علي. وتقول عليه أي كذب عليه. واقتال عليه تحكم قال:

ومنزلة في دار صدق وعبطة وما آقتال من حكم علي طبيب
فأم الأولى للإنكار والثانية للإيجاب أي ليس كما يقولون. ﴿بَلْ لا يُؤْمِنُونَ﴾ جحودا واستكبارا.﴿فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ﴾ أي بقرآن يشبهه من تلقاء أنفسهم ﴿إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ﴾ في أن محمدا افتراه. وقرأ الجحدري.﴿فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ﴾ بالإضافة. والهاء في ﴿مِثْلِهِ﴾ للنبي


الصفحة التالية
Icon