وراء الحجاب نورا لم أر غير ذلك". وفي صحيح مسلم عن أبي ذر قال: سألت رسول الله ﷺ هل رأيت ربك؟ قال: "نور أني أراه" المعنى غلبني من النور وبهرني منه ما منعني من رؤيته. ودل على هذا الرواية الأخرى "رأيت نورا". وقال ابن مسعود: رأى جبريل على صورته مرتين. وقرأ هشام عن ابن عامر وأهل الشام ﴿مَا كَذَّبَ﴾ بالتشديد أي ما كذب قلب محمد ما رأى بعينه تلك الليلة بل صدقه. فـ ﴿مَا﴾ مفعول بغير حرف مقدر؛ لأنه يتعدى مشددا بغير حرف. ويجوز أن تكون ﴿مَا﴾ بمعنى الذي والعائد محذوف، ويجوز أن يكون مع الفعل مصدرا. الباقون مخففا؛ أي ما كذب فؤاد محمد فيما رأى؛ فأسقط حرف الصفة. قال حسان رضي الله عنه:
لوكنت صادقة الذي حدثتني | لنجوت منجى الحارث بن هشام |
أي في الذي حدثتني. ويجوز أن يكون مع الفعل مصدرا. ويجوز أن يكون بمعنى الذي؛ أي ما كذب فؤاد محمد ﷺ الذي رأى قوله تعالى:
﴿أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى﴾ قرأ حمزة والكسائي
﴿أَفَتُمَارُونَهُ﴾ بفتح التاء من غير ألف على معنى أفتجحدونه. واختاره أبو عبيد؛ لأنه قال: لم يماروه وإنما جحدوه. يقال: مراه حقه أي جحده ومريته أنا؛ قال الشاعر:
لئن هجرت أخا صدق ومكرمة | لقد مريت أخا ما كان يمريكا |
أي جحدته. وقال المبرد: يقال مراه عن حقه وعلى حقه إذا منعه منه ودفعه عنه. قال: ومثل على بمعنى عن قول بني كعب بن ربيعة: رضي الله عليك؛ أي رضي عنك. وقرأ الأعرج ومجاهد
﴿أَفَتُمَارُونَهُ﴾ بضم التاء من غير ألف من أمريت؛ أي تريبونه وتشككونه. الباقون
﴿أَفَتُمَارُونَهُ﴾ بألف، أي أتجادلونه وتدافعونه في أنه رأى الله؛ والمعنيان متداخلان؛ لأن مجادلتهم جحود. وقيل: إن الجحود كان دائما منهم وهذا جدال جديد؛ قالوا: صف لنا بيت المقدس وأخبرنا عن عيرنا التي في طريق الشام. على ما تقدم.