فيقال أكل عياله حسناته". وعن بعض السلف: العيال سوس الطاعات. وقال القتيبي: " فِتْنَةٌ " أي إغرام؛ يقال: فتن الرجل بالمرأة أي شغف بها. وقيل: " فِتْنَةٌ " محنة. ومنه قول الشاعر:
لقد فتن الناس في دينهم... وخلَّى ابن عفان شرا طويلا
وقال ابن مسعود: لا يقولن أحدكم اللهم اعصمني من الفتنة؛ فإنه ليس أحد منكم يرجع إلى مال وأهل وولد إلا وهو مشتمل على فتنة؛ ولكن ليقل: اللهم إني أعوذ بك من مضلات الفتن. وقال الحسن في قوله تعالى: ﴿إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ﴾: أدخل "من" للتبعيض؛ لأن كلهم ليسوا بأعداء. ولم يذكر "من" في قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ﴾ لأنهما لا يخلوان من الفتنة واشتغال القلب بهما. روى الترمذي وغيره عن عبدالله بن بريدة عن أبيه قال: رأيت النبي ﷺ يخطب؛ فجاء الحسن والحسين - عليهما السلام - وعليهما قميصان أحمران، يمشيان ويعثران؛ فنزل ﷺ فحملهما بين يديه، ثم قال: "صدق الله عز وجل إنما أموالكم وأولادكم فتنة. نظرت إلى هذين الصبيين يمشيان ويعثران فلم أصبر حتى قطعت حديثي ورفعتهما" ثم أخذ في خطبته. ﴿وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ﴾ يعني الجنة، فهي الغاية، ولا أجر أعظم منها في قول المفسرين. وفي الصحيحين واللفظ للبحاري - عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله يقول لأهل الجنة يا أهل الجنة فيقولون لبيك ربنا وسعديك فيقول هل رضيتم فيقولون وما لنا لا نرضى وقد أعطيتنا ما لم تعط أحدا من خلقك فيقول ألا أعطيكم أفضل من ذلك قالوا يا رب وأي شيء أفضل من ذلك فيقول أحل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبدا". ولا شك في أن الرضا غاية الآمال. وأنشد الصوفية في تحقيق ذلك:
امتحن الله به خلقه... فالنار والجنة في قبضته
فهجره أعظم من ناره... ووصله أطيب من جنته