قلت: وقد تغلغل في هذه الآية الحجاج حين تلاها وقصرها على عبدالملك بن مروان فقال: ﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا﴾ هي لعبدالملك بن مروان أمين الله وخليفته، ليس فيها مثنوية، والله لو أمرت رجلا أن يخرج ن باب المسجد فخرج من غيره لحل لي دمه. وكذب في تأويلها بل هي للنبي صلى
الرابعة- قوله تعالى: ﴿وَأَنْفِقُوا﴾ قيل: هو الزكاة؛ قاله ابن عباس. وقيل: هو النفقة في النفل. وقال الضحاك: هو النفقة في الجهاد. وقال الحسن: هو نفقة الرجل لنفسه. قال ابن العربي: وإنما أوقع قائل هذا قوله: ﴿لأَنْفُسِكُمْ﴾ وخفي عليه أن نفقة النفل والفرض في الصدقة هي نفقة الرجل على نفسه؛ قال الله تعالى: ﴿إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لَأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا﴾. وكل ما يفعله الرجل من خير فإنما هو لنفسه. والصحيح أنها عامة. وروي عن النبي ﷺ أنه فال له رجل: عندي دينار؟ قال: "أنفقه على نفسك" قال: عندي آخر؟ قال: "أنفقه على عيالك" قال: عندي آخر؟ قال: "أنفقه على ولدك" قال: عندي آخر؟ قال: "تصدق به" فبدأ بالنفس والأهل والولد وجعل الصدقة بعد ذلك. وهو الأصل في الشرع.
الخامسة- قوله تعالى: ﴿خَيْراً لأَنْفُسِكُمْ﴾ "خيرا" نصب بفعل مضمر عند سيبويه؛ دل عليه "وأنفقوا" كأنه قال: ايتوا في الإنفاق خيرا لأنفسكم، أو قدموا خيرا لأنفسكم من أموالكم. وهو عند الكسائي والقراء نعت لمصدر محذوف؛ أي أنفقوا إنفاقا خيرا لأنفسكم. وهو عند أبي عبيدة خبر كان مضمرة؛ أي يكن خيرا لكم. ومن جعل الخير المال فهو منصوب بـ " ـَأَنْفِقُوا ".
قوله تعالى: ﴿وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ تقدم الكلام فيه. وكذا ﴿إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضَاعِفْهُ لَكُمْ﴾ تقدم الكلام فيه. أيضاً في "البقرة" وسورة


الصفحة التالية
Icon