قوامة وإنها من نسائك في الجنة" فلم يطلقها. ﴿فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ﴾ أي أخبر حفصة بما أظهره الله عليه. ﴿قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا﴾ يا رسول الله عني. فظنت أن عائشة أخبرته، فقال عليه السلام: ﴿نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ﴾ أي الذي لا يخفى عليه شيء. و"هذا" سد مسد مفعولي "أنبأ". و"نبأ" الأول تعدى إلى مفعول، و"نبأ" الثاني تعدى إلى مفعول واحد، لأن نبأ وأنبأ إذا لم يدخلا على المبتدأ والخبر جاز أن يكتفى فيهما بمفعول واحد وبمفعولين، فإذا دخلا على الابتداء والخبر تعدى كل واحد منهما إلى ثلاثة مفعولين. ولم يجز الاقتصار على الاثنين دون الثالث، لأن الثالث هو خبر المبتدأ في الأصل فلا يقتصر دونه، كما لا يقتصر على المبتدأ دون الخبر.
الآية: [٤] ﴿إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ﴾
قوله تعالى: ﴿إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ﴾ يعني حفصة وعائشة، حثهما على التوبة على ما كان منهما من الميل إلى خلاف محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم. ﴿فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا﴾ أي زاغت ومالت عن الحق. وهو أنهما أحبتا ما كره النبي ﷺ من اجتناب جاريته واجتناب العسل، وكان عليه السلام يحب العسل والنساء. قال ابن زيد: مالت قلوبهما بأن سرهما أن يحتبس عن أم ولده، فسرهما ما كرهه رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقيل: فقد مالت قلوبكما إلى التوابة. وقال: ﴿فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا﴾ ولم يقل: فقد صغى قلباكما، ومن شأن العرب إذا ذكروا الشيئين، من اثنين جمعوهما، لأنه لا يشكل. وقد مضى هذا المعنى في "المائدة" في قوله تعالى: ﴿فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا﴾ وقيل: كلما ثبتت الإضافة فيه مع التثنية فلفظ الجمع أليق به، لأنه أمكن وأخف. وليس قوله: {فَقَدْ صَغَتْ


الصفحة التالية
Icon