قوله تعالى: ﴿فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا﴾ أي في تلك الليالي والأيام. ﴿صَرْعَى﴾ جمع صريع؛ يعني موتى. وقيل: " فِيهَا " أي في الريح. ﴿كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ﴾ أي أصول. ﴿نَخْلٍ خَاوِيَةٍ﴾ أي بالية؛ قاله أبو الطفيل. وقيل: خالية الأجواف لا شيء فيها. والنخل يذكر ويؤنث. وقد قال تعالى في موضع آخر: ﴿كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ﴾ فيحتمل أنهم شبهوا بالنخل التي صرعت من أصلها، وهو إخبار عن عظم أجسامهم. ويحتمل أن يكون المراد به الأصول دون الجذوع؛ أي إن الريح قد قطعتهم حتى صاروا كأصول النخل خاوية أي الريح كانت تدخل أجوافهم فتصرعهم كالنخلة الخاوية الجوف. وقال ابن شجرة: كانت الريح تدخل في أفواههم فتخرج ما في أجوافهم من الحشو من أدبارهم، فصاروا كالنخل الخاوية. وقال يحيى بن سلام؛ إنما قال "خاوية" لأن أبدانهم خوت من أرواحهم مثل النخل الخاوية. ويحتمل أن يكون المعنى كأنهم أعجاز نخل خاوية عن أصولها من البقاع؛ كما قال تعالى: ﴿فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً﴾ أي خربة لا سكان فيها. ويحتمل الخاوية بمعنى البالية كما ذكرنا؛ لأنها إذا بليت خلت أجوافها. فشبهوا بعد أن هلكوا بالنخل الخاوية.
الآية: [٨] ﴿فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ﴾
أي من فرقة باقية أو نفس باقية. وقيل: من بقية. وقيل: من بقاء. فاعلة بمعنى المصدر؛ نحو العاقبة والعافية. ويجوز أن يكون أسما؛ أي هل تجد لهم أحدا باقيا. وقال ابن جريج: كانوا سبع ليال وثمانية أيام أحياء في عذاب الله من الريح، فلما أمسوا في اليوم الثامن ماتوا، فاحتملتهم الريح فألقتهم في البحر ذلك قوله عز وجل: ﴿فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ﴾، وقوله عز وجل: ﴿فَأَصْبَحُوا لا يُرَى إِلاَّ مَسَاكِنُهُمْ﴾.
الآية: [٩] ﴿وَجَاءَ فِرْعَوْنُ وَمَنْ قَبْلَهُ وَالْمُؤْتَفِكَاتُ بِالْخَاطِئَةِ﴾
قوله تعالى: ﴿وَجَاءَ فِرْعَوْنُ وَمَنْ قَبْلَهُ﴾ قرأ أبو عمرو والكسائي "ومن قبله" بكسر القاف وفتح الباء؛ أي ومن معه وتبعه من جنوده. واختاره أبو عبيد وأبو حاتم اعتبارا


الصفحة التالية
Icon