إلا الله وأنك رسول الله فقبلناه منك، وأن نصلي خمسا فقبلناه منك، ونزكي أموالنا فقبلناه منك، وأن نصوم شهر رمضان في كل عام فقبلناه منك، وأن نحج فقبلناه منك، ثم لم ترض بهذا حتى فضلت ابن عمك علينا! أفهذا شيء منك أم من الله؟! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "والله الذي لا إله إلا هو ما هو إلا من الله" فولى الحارث وهو يقول: اللهم إن كان ما يقول محمد حقا فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم. فوالله ما وصل إلى ناقته حتى رماه الله بحجر فوقع على دماغه فخرج من دبره فقتله؛ فنزلت: ﴿سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ﴾ الآية. وقيل: إن السائل هنا أبو جهل وهو القائل لذلك، قال الربيع. وقيل: إنه قول جماعة من كفار قريش. وقيل: هو نوح عليه السلام سأل العذاب على الكافرين. وقيل: هو رسول الله ﷺ أي دعا عليه السلام بالعقاب وطلب أن يوقعه الله بالكفار؛ وهو واقع بهم لا محالة. وأمتد الكلام إلى قوله تعالى: ﴿فَاصْبِرْ صَبْراً جَمِيلاً﴾ أي لا تستعجل فإنه قريب. وإذا كانت الباء بمعنى عن - وهو قول قتادة - فكأن سائلا سأل عن العذاب بمن يقع أو متى يقع. قال الله تعالى: ﴿فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيراً﴾ أي سل عنه. وقال علقمة:
فإن تسألوني بالنساء فإنني | بصير بأدواء النساء طبيب |