النصب والأنصاب واحد. وقيل: النصب جمع نصاب، هو حجر أو صنم يذبح عليه؛ ومنه قوله تعالى: ﴿وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ﴾. وقد قيل: نصب ونصب ونصب معنى واحد؛ كما قيل عمر وعمر وعمر. ذكره النحاس. قال ابن عباس: " إِلَى نُصُبٍ " إلى غاية، وهي التي تنصب إليها بصرك. وقال الكلبي: إلى شيء منصوب؛ علم أو راية. وقال الحسن: كانوا يبتدرون إذا طلعت الشمس إلى نصبهم التي كانوا يعبدونها من دون الله لا يلوي أولهم على آخرهم. ﴿يُوفِضُونَ﴾ يسرعون والإيفاض الإسراع. قال الشاعر:

فوارس ذبيان تحت الحديـ ـد كالجن يوفضن من عبقر
عبقر: موضع تزعم العرب أنه من أرض الجن. قال لبيد:
كهول وشبان كجنة عبقر
وقال الليث: وفضت الإبل تفض وفضا؛ وأوفضها صاحبها. فالإيفاض متعد، والذي في الآية لازم. يقال: وفض وأوفض واستوفض بمعنى أسرع.
الآية: [٤٤] ﴿خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ﴾
قوله تعالى: ﴿خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ﴾ أي ذليلة خاضعة، لا يرفعونها لما يتوقعونه من عذاب الله. ﴿تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ﴾ أي يغشاهم الهوان. قال قتادة: هو سواد الوجوه. والرهق: الغشيان؛ ومنه غلام مراهق إذا غشي الاحتلام. رهقه "بالكسر" يرهقه رهقا أي غشيه؛ ومنه قوله تعالى: ﴿ وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلا ذِلَّةٌ﴾ ﴿ذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ﴾ أي يوعدونه في الدنيا أن لهم فيه العذاب. وأخرج الخبر بلفظ الماضي لأن ما وعد الله به يكون ولا محالة.


الصفحة التالية
Icon