"تلقون" ومبيب عنه. والأفعال تبدل من الأفعال، كما قال تعالى: ﴿وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً. يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ﴾ وأنشد سيبويه:

متى تأتنا تلمم بنا في ديارنا تجد حطبا جزلا ونارا تأججا
وقيل: هو على تقدير أنتم تسرون إليهم بالمودة، فيكون استئنافا. وهذا كله معاتبة لحاطب. وهو يدل على فضله وكرامته ونصيحته لرسول الله ﷺ وصدق إيمانه، فإن المعاتبة لا تكون إلا من محب لحبيبه. كما قال:
أعاتب ذا المودة من صديق إذا ما رابني منه اجتناب
إذا ذهب العتاب فليس ود ويبقى الود ما بقي العتاب
ومعنى "بالمودة" أي بالنصيحة في الكتاب إليهم. والباء زائدة كما ذكرنا، أو ثابتة غير زائدة.
قوله تعالى: ﴿وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ﴾ أضمرتم ﴿وَمَا أَعْلَنْتُمْ﴾ أظهرتم. والباء في " بِمَا " زائدة؛ يقال: علمت كذا وعلمت بكذا. وقيل: وأنا اعلم من كل أحد بما تخفون وما تعلنون، فحذف من كل أحد. كما يقال: فلان اعلم وأفضل من غيره. وقال ابن عباس: وأنا اعلم بما أخفيتم في صدوركم، وما أظهرتم بألسنتكم من الإقرار والتوحيد. ﴿وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ﴾ أي من يسر إليهم ويكاتبهم منكم ﴿فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ﴾ أي أخطأ قصد الطريق.
الآية: [٢] ﴿إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ﴾
قوله تعالى: ﴿إِنْ يَثْقَفُوكُمْ﴾ يلقوكم ويصادفوكم؛ ومنه المثاقفة؛ أي طلب مصادفة الغرة في المسايفة وشبهها. وقيل: " إِنْ يَثْقَفُوكُمْ " يظفروا بكم ويتمكنوا منكم {يَكُونُوا لَكُمْ


الصفحة التالية
Icon