الآية: [٥] ﴿رَبَّنَا لا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾
قوله تعالى: ﴿قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ﴾ لما نهى عز وجل عن مولاة الكفار ذكر قصة إبراهيم عليه السلام، وأن من سيرته التبرؤ من الكفار؛ أي فاقتدوا به وأتموا؛ إلا في استغفاره لأبيه. والأسوة ما يتأسى به، مثل القدوة والقدوة. ويقال: هو أسوتك؛ أي مثلك وأنت مثله. وقرأ عاصم " أُسْوَةٌ " بضم الهمزة لغتان. ﴿وَالَّذِينَ مَعَهُ﴾ يعني أصحاب إبراهيم من المؤمنين. وقال ابن زيد: هم الأنبياء ﴿إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ﴾ الكفار ﴿إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ أي الأصنام. وبرآء جمع بريء؛ مئل شريك وشركاء، وظريف وظرفاء. وقراءة العامة على وزن فعلاء. وقرأ عيسى بن عمر وابن أبي إسحاق "براء" بكسر الباء على وزن فعال؛ مثل قصير وقصار، وطويل وطوال، وظريف وظراف. ويجوز ترل الهمزة حتى تقول: برا؛ وتنون. وقرئ " بُرَآءُ " على الوصف بالمصدر. وقرئ " بُرَآءُ " على إبدال الضم من الكسر؛ كرخال ورباب. والآية نص في الأمر بالاقتداء بإبراهيم عليه السلام في فعله. وذلك يصحح أن شرع من قبلنا شرع لنا فيما أخبر الله ورسوله. ﴿كَفَرْنَا بِكُمْ﴾ أي بما آمنتم به من الأوثان. وقيل: أي بأفعالكم وكذبناها وأنكرنا أن تكونوا على حق. ﴿وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً﴾ أي هذا دأبنا معكم ما دمتم على كفركم ﴿حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ﴾ فحينئذ تنقلب المعاداة موالاة ﴿إِلاَّ قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ﴾ فلا تتأسوا به في الاستغفار فتستغفرون للمشركين؛ فإنه كان عن


الصفحة التالية
Icon