الأهل والولد. الثاني: أن الجلاء لا يكون إلا لجماعة، والإخراج يكون لواحد ولجماعة؛ قاله الماوردي. قوله تعالى: ﴿ذَلِكَ﴾ أي ذلك الجلاء ﴿بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾ أي عادوه وخالفوا أمره. ﴿يُشَاقِّ اللَّهَ﴾ قرأ طلحة بن مصرف ومحمد بن السميقع ﴿يُشَاقِّ اللَّهَ﴾ بإظهار التضعيف كالتي في "الأنفال"، وأدغم الباقون.
الآية: ٥ ﴿مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ﴾
فيه خمس مسائل:
الأولى: قوله تعالى: ﴿مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ﴾ ﴿مَا﴾ في محل نصب بـ ﴿قَطَعْتُمْ﴾ ؛ كأنه قال: أي شيء قطعتم. وذلك أن النبي ﷺ لما نزل على حصون بني النضير - وهي البويرة - حين نقضوا العهد بمعونة قريش عليه يوم أحد، أمر بقطع نخيلهم وإحراقها. واختلفوا في عدد ذلك؛ فقال قتادة والضحاك: إنهم قطعوا من نخيلهم وأحرقوا ست نخلات. وقال محمد بن إسحاق: إنهم قطعوا نخلة وأحرقوا نخلة. وكان ذلك عن إقرار رسول الله ﷺ أو بأمره؛ إما لإضعافهم بها وإما لسعة المكان بقطعها. فشق ذلك عليهم فقالوا وهم يهود أهل الكتاب: يا محمد، ألست تزعم أنك نبي تريد الصلاح، أفمن الصلاح قطع النخل وحرق الشجر؟ وهل وجدت فيما أنزل الله عليك إباحة الفساد في الأرض؟ فشق ذلك على النبي صلى الله عليه وسلم. ووجد المؤمنون في أنفسهم حتى اختلفوا؛ فقال بعضهم: لا تقطعوا مما أفاء الله علينا. وقال بعضهم: أقطعوا لنغيظهم بذلك. فنزلت الآية بتصديق من نهى عن القطع وتحليل من قطع من الإثم، وأخبر أن قطعه وتركه بإذن الله. وقال شاعرهم سماك اليهودي في ذلك: