أبا جهل لا يؤمن بتفسير القرآن وبيانه. وقيل: أي ﴿كَلَّا﴾ لا يصلون ولا يذكون يريد كفار مكة. ﴿كَلَّا بَلْ﴾ أي بل تحبون يا كفار أهل مكة ﴿الْعَاجِلَةَ﴾ أي الدار الدنيا والحياة فيها ﴿وَتَذَرُونَ﴾ أي تدعون ﴿الْآخِرَةَ﴾ والعمل لها. وفي بعض التفسير قال: الآخرة الجنة. وقرأ أهل المدينة والكوفيون "بل تحبون" "وتذرون" بالتاء فيهما على الخطاب واختاره أبو عبيد؛ قال: ولولا الكراهة لخلاف هؤلاء القراء لقرأتها بالياء؛ لذكر الإنسان قبل ذلك. الباقون بالياء على الخبر، وهو اختيار أبي حاتم، فمن قرأ بالياء فردا على قوله تعالى: ﴿يُنَبَّأُ الْأِنْسَانُ﴾ وهو بمعنى الناس. ومن قرأ بالتاء فعلى أنه واجههم بالتقريع؛ لأن ذلك أبلغ في المقصود؛ نظيره: ﴿إِنَّ هَؤُلاءِ يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَاءَهُمْ يَوْماً ثَقِيلاً﴾.
٢٢- ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ﴾.
٢٣- ﴿إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾.
٢٤- ﴿وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ﴾.
٢٥- ﴿تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ﴾.
قوله تعالى: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ، إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾ الأول من النضرة التي هي الحسن والنعمة. والثاني من النظر أي وجوه المؤمنين مشرقة حسنة ناعمة؛ يقال: نضرهم الله ينضرهم نضرة ونضارة وهو الإشراق والعيش والغنى؛ ومنه الحديث "نضر الله امرأ سمع مقالتي فوعاها". "إلى ربها" إلى خالقها ومالكها "ناظرة" من النظر أي تنظر إلى ربها؛ على هذا جمهور العلماء. وفي الباب حديث صهيب خرجه مسلم وقد مضى في "يونس" عند قوله تعالى: ﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ﴾. وكان ابن عمر يقول: أكرم أهل الجنة على الله من ينظر إلى وجهه غدوة وعشية؛ ثم تلا هذه الآية: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ، إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾ وروى يزيد النحوي عن عكرمة قال: تنظر إلى ربها نظرا. وكان الحسن يقول: نضرت وجوههم ونظروا إلى ربهم.


الصفحة التالية
Icon