في الدنيا. وقد مضى القول فيه في موضعه مستوفى. وقال عطية العوفي: ينظرون إلى الله لا تحيط أبصارهم به من عظمته، ونظره يحيط بها؛ يدل عليه: ﴿لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ﴾ قال القشيري أبو نصر: وقيل: "إلى" واحد الآلاء: أي نعمه منتظرة وهذا أيضا باطل؛ لأن واحد الآلاء يكتب بالألف لا بالياء، ثم الآلاء: نعمه الدفع، وهم في الجنة لا ينتظرون دفع نقمه عنهم، والمنتظر للشيء متنغص العيش، فلا يوصف أهل الجنة بذلك. وقيل: أضاف النظر إلى الوجه؛ وهو كقوله تعالى: ﴿تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ﴾ والماء يجري في النهر لا النهر. ثم قد يذكر الوجه بمعنى العين؛ قال الله تعالى: ﴿فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيراً﴾ أي على عينيه. ثم لا يبعد قلب العادة غدا، حتى يخلق الرؤية والنظر في الوجه؛ وهو كقوله تعالى: ﴿أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبّاً عَلَى وَجْهِهِ﴾، فقيل: يا رسول الله! كيف يمشون في النار على وجوههم؟ قال: "الذي أمشاهم على أقدامهم قادر أن يمشيهم على وجوههم". ﴿وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ﴾ أي وجوه الكفار يوم القيامة كالحة كاسفة عابسة. وفي الصحاح: وبسر الفحل الناقة وابتسرها: إذا ضربها من غير ضبعة. وبسر الرجل وجهه بسورا أي كلح؛ يقال: عبس وبسر. وقال السدي: ﴿بَاسِرَةٌ﴾ أي متغيرة والمعنى واحد. ﴿تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ﴾ أي توقن وتعلم، والفاقرة: الداهية والأمر العظيم؛ يقال: فقرته الفاقرة: أي كسرت فقار ظهره. قال معناه مجاهد وغيره. وقال قتادة: الفاقرة الشر. السدي: الهلاك. ابن عباس وابن زيد: دخول النار. والمعنى متقارب وأصلها الوسم على أنف البعير بحديدة أو نار حتى يخلص إلى العظم؛ قاله الأصمعي. يقال: فقرت أنف البعير: إذا حززته بحديدة ثم جعلت على موضع الحز الجرير وعليه وتر ملوي، لتذلله بذلك وتروضه؛ ومنه قولهم: قد عمل به الفاقرة. وقال النابغة:

أبى لي قبر لا يزال مقابلي وضربة فأس فوق رأسي فاقره
أي كاسرة.


الصفحة التالية
Icon