بيده، فهزه أو مرتين ثم قال: ﴿أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى﴾ فقال له أبو جهل: أتهددني؟ فوالله إني لأعز أهل الوادي وأكرمه. ونزل على رسول الله ﷺ كما قال لأبي جهل. وهي كلمة وعيد. قال الشاعر:
فأولى ثم أولى ثم أولى... وهل للدر يحلب من مرد
قال قتادة: أقبل أبو جهل بن هشام يتبختر، فأخذ النبي ﷺ بيده فقال: ﴿أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى، ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى﴾ فقال: ما تستطيع أنت ولا ربك لي شيئا، إني لأعز من بين جبليها. فلما كان يوم بدر أشرف على المسلمين فقال: لا يعبد الله بعد هذا اليوم أبدا. فضرب الله عنقه، وقتله شر قتلة.
وقيل: معناه: الويل لك؛ ومنه قول الخنساء:
هممت بنفسي كل الهموم... فأولى لنفسي أولى لها
سأحمل نفسي على آلة... فإما عليها وإما لها
الآلة: الحالة، والآلة: السرير أيضا الذي يحمل عليه الميت؛ وعلى هذا التأويل قيل: هو من المقلوب؛ كأنه قيل: أويل، ثم أخر الحرف المعتل، والمعنى: الويل لك حيا، والويل لك ميتا، والويل لك يوم البعث، والويل لك يوم تدخل النار؛ وهذا التكرير كما قال:
لك الويلات إنك مرجلي
أي لك الويل، ثم الويل، ثم الويل، وضعف هذا القول. وقيل: معناه الذم لك، أولى، من تركه، إلا أنه كثير في الكلام فحذف. وقيل: المعنى أنت أولى وأجدر بهذا العذاب. وقال أبو العباس أحمد بن يحيى: قال الأصمعي "أولى" في كلام العرب معناه مقاربة الهلاك، كأنه يقول: قد وليت الهلاك، قد دانيت الهلاك؛ وأصله من الولي، وهو القرب؛


الصفحة التالية
Icon