قال: الأمشاج: الحمرة في البياض، والبياض في الحمرة. وهذا قول يختاره كثير من أهل اللغة؛ قال الهذلي:
كأن الريش والفوقين منه | خلاف النصل سيط به مشيج |
وروي عن ابن مسعود: أمشاجها عروق المضغة. وعنه: ماء الرجل وماء المرأة وهما لونان. وقال مجاهد: نطفة الرجل بيضاء وحمراء ونطفة المرأة خضراء وصفراء. وقال ابن عباس: خلق من ألوان؛ خلق من تراب، ثم من ماء الفرج والرحم، وهي نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم عظم ثم لحم. ونحوه قال قتادة: هي أطوار الخلق: طور وطور علقة وطور مضغة عظام ثم يكسو العظام لحما؛ كما قال في سورة "المؤمنون" ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْأِنْسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ﴾ الآية. وقال ابن السكيت: الأمشاج الأخلاط؛ لأنها ممتزجة من أنواع فخلق الإنسان منها ذا طبائع مختلفة. وقال أهل المعاني: الأمشاج ما جمع وهو في معنى الواحد؛ لأنه نعت للنطفة؛ كما يقال: برمة أعشار وثوب أخلاق. وروي عن أبي أيوب الأنصاري: قال جاء حبر من اليهود إلى النبي ﷺ فقال: أخبرني عن ماء الرجل وماء المرأة؟ فقال: "ماء الرجل أبيض غليظ وماء المرأة أصفر رقيق فإذا علا ماء المرأة آنثت وإذا علا ماء الرجل أذكرت" فقال الحبر: أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله. وقد مضى هذا القول مستوفى في سورة "البقرة".
قوله تعالى: ﴿نَبْتَلِيهِ﴾ أي نختبره. وقيل: نقدر فيه الابتلاء وهو الاختبار. وفيما يختبر به وجهان: أحدهما: