وإن كان لا وسخ ولا شعث ثم. ويقال: إن ارتفاع الأشجار في الجنة مقدار مائة عام، فإذا اشتهى ولي الله ثمرتها دانت حتى يتناولها. وانتصبت "دانية" على الحال عطفا على "متكئين" كما تقول: في الدار عبدالله متكئا ومرسلة عليه الحجال. وقيل: انتصبت نعتا للجنة؛ أي وجزاهم جنة دانية، فهي، صفة لموصوف محذوف. وقيل: على موضع ﴿لا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْساً وَلا زَمْهَرِيراً﴾ ويرون دانية، وقيل: على المدح أي دنت دانية. قاله الفراء. "ظلالها" الظلال مرفوعة بدانية، ولو قرئ برفع دانية على أن تكون الظلال مبتدأ ودانية الخبر لجاز، وتكون الجملة في موضع الحال من الهاء والميم في "وجزاهم" وقد قرئ بذلك. وفي قراءة عبدالله "ودانيا عليهم" لتقدم الفعل. وفي حرف أبي "ودان" رفع على الاستئناف ﴿وَذُلِّلَتْ﴾ أي سخرت لهم " قُطُوفُهَا " أي ثمارها " تَذْلِيلاً " أي تسخيرا، فيتناولها القائم والقاعد والمضطجع، لا يرد أيديهم عنها بعد ولا شوك؛ قاله قتادة. وقال مجاهد: إن قام أحدا ارتفعت له، وإن جلس تدلت عليه، وإن اضطجع دنت منه فأكل منها. وعنه أيضا: أرض الجنة من ورق، وترابها الزعفران، وطيبها مسك أذفر، وأصول شجرها ذهب وورق، وأفنانها اللؤلؤ والزبرجد والياقوت، والثمر تحت ذلك كله؛ فمن أكل منها قائما لم تؤذه، ومن أكل منها قاعدا لم تؤذه، ومن أكل منها مضطجعا لم تؤذه.
وقال ابن عباس: إذا هم أن يتناول من ثمارها تدلت إليه حتى يتناول منها ما يريد، وتذليل القطوف تسهيل التناول. والقطوف: الثمار، الواحد قطف بكسر القاف، سمي به لأنه يقطف، كما سمي الجنى لأنه يجنى. ﴿تَذْلِيلاً﴾ تأكيد لما وصف به من الذل؛ كقوله: ﴿وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلاً﴾ ﴿وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيماً﴾. الماوردي: ويحتمل أن يكون تذليل قطوفها أن تبرز لهم من أكمامها، وتخلص لهم من نواها.
قلت: وفي هذا بعد؛ فقد روى ابن المبارك، قال: أخبرنا سفيان عن حماد عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: نخل الجنة: جذوعها زمرد أخضر، وكربها ذهب أحمر، وسعفها كسوة لأهل الجنة، منها مقطعاتهم وحللهم، وثمرها أمثال القلال والدلاء، أشد