أي عسيرا شديدا كما قال: ﴿ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾. أي يتركون الإيمان بيوم القيامة. وقيل: "ورائهم" أي خلفهم، أي ويذرون الآخرة خلف ظهورهم، فلا يعملون لها. وقيل: "نزلت في اليهود فيما كتموه من صفة الرسول ﷺ وصحة نبوته. وحبهم العاجلة: أخذهم الرشا على ما أراد المنافقين؛ لاستبطانهم الكفر وطلب الدنيا. والآية تعم. واليوم الثقيل يوم القيامة. وإنما سمي ثقيلا لشدائده وأهواله. وقيل: للقضاء فيه بين عباده.
قوله تعالى: ﴿نَحْنُ خَلَقْنَاهُمْ﴾ أي من طين. ﴿وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ﴾ أي خلقهم؛ قال ابن عباس ومجاهد وقتادة ومقاتل وغيرهم. والأسر الخلق؛ قال أبو عبيد: يقال فرس شديد الأسر أي الخلق. ويقال أسره الله جل ثناؤه إذا شدد خلقه؛ قال لبيد:
ساهم الوجه شديد أسره | مشرف الحارك محبوك الكتد |
وقال الأخطل:من كل مجتنب شديد أسره | سلس القياد تخاله مختالا |
وقال أبو هريرة والحسن والربيع: شددنا مفاصلهم وأوصالهم بعضها إلى بعض بالعروق والعصب. وقال مجاهد في تفسير الأسر: هو الشرج، أي إذا خرج الغائط والبول تقبض الموضع. وقال ابن زيد القوة. وقال ابن أحمر يصف فرسا:
يمشي بأوظفة شداد أسرها | صم السنابك لا تقي بالجدجد |
واشتقاقه من الأسار وهو القد الذي يشد به الأقتاب؛ يقال: أسرت القتب أسرا أي شددته وربطه؛ ويقال: ما أحسن أسر قتبه أي شده وربطه؛ ومنه قولهم: خذه