أن ينقص من حسناته ولا أن يزاد في سيئاته؛ لأن البخس النقصان"
والرهق: العدوان وغشيان المحارم؛ قال الأعشى:

لا شيء ينفعني من دون رؤيتها هل يشتفي وامق ما لم يصب رهقا
الوامق: المحب؛ وقد وَمِقَه يمِقه بالكسر أي أحبه، فهو وامق. وهذا قول حكاه الله تعالى عن الجن؛ لقوة إيمانهم وصحة إسلامهم. وقراءة العامة "فلا يخاف" رفعا على تقدير فإنه لا يخاف. وقرأ الأعمش ويحيى وإبراهيم "فلا يخف" جزما على جواب الشرط وإلغاء الفاء.
قوله تعالى: ﴿وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ﴾ أي وأنا بعد استماع القرآن مختلفون، فمنا من أسلم ومنا من كفر. والقاسط: الجائر، لأنه عادل عن الحق، والمقسط: العادل؛ لأنه عادل إلى الحق؛ يقال: قسط: أي جار، وأقسط: إذا عدل؛ قال الشاعر:
قوم هم قتلوا ابن هند عنوة عمرا وهم قسطوا على النعمان
﴿فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَداً﴾ أي قصدوا طريق الحق وتوخوه ومنه تحرى القبلة ﴿وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ﴾ أي الجائرون عن طريق الحق والإيمان ﴿فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً﴾ أي وقودا. وقوله: "فكانوا" أي في علم الله تعالى.
١٦- ﴿وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقاً﴾.
١٧- ﴿لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَاباً صَعَداً﴾
قوله تعالى: ﴿وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ﴾ هذا من قول الله تعالى. أي لو آمن هؤلاء الكفار لوسعنا عليهم في الدنيا وبسطنا لهم في الرزق. وهذا محمول على الوحي؛ أي أوحى إلي أن لو استقاموا. ذكر ابن بحر: كل ما في هذه السورة من "إن" المكسورة المثقلة فهي حكاية لقول الجن الذين استمعوا القرآن، فرجعوا إلى قومهم منذرين، وكل ما فيها من


الصفحة التالية
Icon