الحركة فقظ، بل من قولهم: رجف الرعد يرجف رجفا ورجيفا: أي أظهر الصوت والحركة، ومنه سميت الأراجيف، لاضطراب الأصوات بها، وإفاضة الناس فيها؛ قال:
أبالأراجيف يا ابن اللؤم توعدني... وفي الأراجيف خلت اللؤم والخورا
وعن أبي بن كعب أن رسول الله ﷺ كان إذا ذهب ربع الليل قام ثم قال: "يا أيها الناس أذكروا الله، جاءت الراجفة تتبعها الرادفة، جاء الموت بما فيه". ﴿قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ﴾ أي خائفة وجلة؛ قاله ابن عباس وعليه عامة المفسرين. وقال السدي: زائلة عن أماكنها. نظيره ﴿إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ﴾.
وقال المؤرج: قلقة مستوفزة، مرتكضة غير ساكنة. وقال المبرد: مضطربة. والمعنى متقارب، والمراد قلوب الكفار؛ يقال وجف القلب يجف وجيفا إذا خفق، كما يقال: وجب يجب وجيبا، ومنه وجيف الفرس والناقة في العدو، والإيجاف حمل الدابة على السير السريع، قال:
بدلن بعد جرة صريفا... وبعد طول النفس الوجيفا
و"قلوب" رفع بالابتداء و"واجفة" صفتها. و ﴿أَبْصَارُهَا خَاشِعَةٌ﴾ خبرها؛ مثل قول ﴿وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ﴾. ومعنى "خاشعة" منكسرة ذليلة من هول ما ترى. نظيره: ﴿خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ﴾. والمعنى أبصار أصحابها، فحذف المضاف. "يقولون أئنا لمردودون في الحافرة" أي يقول هؤلاء المكذبون المنكرون للبعث، إذا قيل لهم إنكم تبعثون، قالوا منكرين متعجبين: أنرد بعد موتنا إلى أول الأم، فنعود أحياء كما كنا قبل الموت؟ وهو كقولهم: ﴿أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً﴾ يقال: رجع فلان في حافرته، وعلى حافرته، أي رجع من حيث جاء؛ قال قتادة. وأنشد ابن الأعرابي:


الصفحة التالية
Icon