قوله تعالى: ﴿فَسَوَّاهَا﴾ أي خلقها خلقا مستويا، لا تفاوت فيه، ولا شقوق، ولا فطور.
قوله تعالى: " وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا " أي جعله مظلما؛ غطش الليل وأغطشه الله؛ كقولك: ظلم [الليل] وأظلمه الله. ويقال أيضا: أغطش الليل بنفسه. وأغطشه الله كما يقال: أظلم الليل، وأظلمه الله. والغطش والغبش: الظلمة. ورجل أغطش: أي أعمى، أو شبيه به، وقد غطش، والمرأة غطشاء؛ ويقال: ليلة غطشاء، وليل أغطشى وفلاة غطشى لا يهتدى لها؛ قال الأعشى:
ويهماء بالليل غطشى الفلا... ة يؤنسني صوت فيادها
وقال الأعشى أيضا:
عقرت لهم موهنا ناقتي... وغامرهم مدلهم غطش
يعني بغامرهم ليلهم، لأنه غمرهم بسواده. وأضاف الليل إلى السماء لأن الليل يكون بغروب الشمس، والشمس مضاف إلى السماء، ويقال: نجوم الليل، لأن ظهورها بالليل.
قوله تعالى: ﴿وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا﴾ أي أبرز نهارها وضوءها وشمسها. وأضاف الضحا إلى السماء كما أضاف إليها الليل؛ لأن فيها سبب الظلام والضياء وهو غروب الشمس وطلوعها. ﴿وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا﴾ أي بسطها. وهذا يشير إلى كون الأرض بعد السماء. وقد مضى القول فيه في أول "البقرة" عند قوله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ﴾ مستوفى. والعرب تقول: دحوت الشيء أدحوه دحوا: إذا بسطته. ويقال لعش النعامة أُدحِي؛ لأنه مبسوط على وجه الأرض. وقال أمية بن أبي الصلت:
وبث الخلق فيها إذ دحاها... فهم قطانها حتى التنادي
وأنشد المبرد:
دحاها فلما رآها استوت... على الماء أرسى عليها الجبالا