وأبي هريرة: أن الشفق الحمرة، وبه قال مالك بن أنس. وذكر غير ابن وهب من الصحابة: عمر وابن عمر وابن مسعود وابن عباس وأنسا وأبا قتادة وجابر بن عبدالله وابن الزبير، ومن التابعين: سعيد بن جبير، وابن المسيب وطاوس، وعبدالله بن دينار، والزهري، وقال به من الفقهاء الأوزاعي ومالك والشافعي وأبو يوسف وأبو ثور وأبو عبيدة وأحمد وإسحاق وقيل: هو البياض؛ روي ذلك عن ابن عباس وأبي هريرة أيضا وعمر بن عبدالعزيز والأوزاعي وأبي حنيفة في إحدى الروايتين عنه. وروى أسد بن عمرو أنه رجع عنه. وروي عن ابن عمر أيضا أنه البياض والاختيار الأول؛ لأن أكثر الصحابة والتابعين والفقهاء عليه، ولأن شواهد كلام العرب والاشتقاق والسنة تشهد له. قال الفراء: سمعت بعض العرب يقول لثوب عليه مصبوغ: كأنه الشفق وكان أحمر، فهذا شاهد للحمرة؛ وقال الشاعر:
وأحمر اللون كمحمر الشفق
وقال آخر:

قم يا غلام أعني غير مرتبك على الزمان بكأس حشوها شفق
ويقال للمغرة الشفق. وفي الصحاح: الشفق بقية ضوء الشمس وحمرتها في أول الليل إلى قريب من العتمة. قال الخليل: الشفق: الحمرة، من غروب الشمس إلى وقت العشاء الآخرة، إذا ذهب قيل: غاب الشفق. ثم قيل: أصل الكلمة من رقة الشيء؛ يقال: شيء شفق أي لا تماسك له لرقته. واشفق عليه. أي رق قلبه عليه، والشفقة: الاسم من الإشفاق، وهو رقة القلب، وكذلك الشفق؛ قال الشاعر:
تهوى حياتي وأهوى موتها شفقا والموت أكرم نزال على الحرم
فالشفق: بقية ضوء الشمس وحمرتها فكأن تلك الرقة عن ضوء الشمس. وزعم الحكماء أن البياض لا يغيب أصلا. وقال الخليل: صعدت منارة الإسكندرية فرمقت البياض، فرأيته يتردد من أفق إلى أفق ولم أره يغيب. وقال ابن أبي أويس: رأيته يتمادى إلى طلوع الفجر


الصفحة التالية
Icon